للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ؛} أي يريد الشيطان أن يصرفكم عن طاعة الله وعن الصّلوات الخمس على ما هو معلوم في العادة من أحوال أهل الشّراب والقمار.

قوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (٩١)؛معناه: انتهوا عنهما، وهذا نهي بألطف الوجوه؛ ليكون أدعى إلى تنهاكما، كما قال تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (١) معناه: أسلموا. فلمّا نزلت هذه الآية قالوا: (انتهينا يا ربّ).فأنزل الله تعالى هذه الآية:

قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا؛} أي أطيعوا الله والرّسول في ترك جميع المعاصي عموما، واحذروا شرب الخمر وتحليلها وسائر المعاصي، {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ؛} أي أعرضتم عن طاعة الله وطاعة الرسول، {فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} (٩٢)؛أي تبليغ الرسالة عن الله بأوامره ونواهيه بلغة تعرفونها. وأما التوفيق والخذلان والثواب والعقاب، فإلى الله عزّ وجلّ.

فلمّا نزل تحريم الخمر والميسر قال الصحابة: (يا رسول الله! فكيف بإخواننا الّذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟) حتى قال المهاجرون: (يا رسول الله! قتل أصحابنا يوم بدر وماتوا فيما بين بدر وأحد وهم يشربون الخمر؛ فما حال من مات منهم؟) (٢)

فأنزل الله قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا؛} أي فيما شربوا من الخمر، {إِذا مَا اتَّقَوْا؛} الشّرك، {وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا؛} وصدقوا واجتنبوا الخمر والميسر بعد تحريمها، {وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا؛} ما حرّم الله كلّه، {وَأَحْسَنُوا}.

وقيل: معناه: (ليس على الّذين آمنوا-بالله ورسوله-وعملوا الصّالحات) يعني الطاعات {(جُناحٌ)} أي حرج ومأثم {(فِيما طَعِمُوا)} من الحرام وشربوا من الخمر قبل


(١) هود ١٤/.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٧٧٠) عن ابن عباس، والنص (٩٧٧٢) عن البراء، وينظر النصوص (٩٧٧٣ - ٩٧٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>