للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلاّ حفصا: بالتخفيف «(عقدتم).» ومعناه: أن يحلف الرجل على أمر في المستقبل ليفعله ثم لا يفعله، أو يحلف أن لا يفعله ثم يفعله. فمن قرأ «(عقّدتم)» بالتشديد فمعناه المبالغة والتأكيد. وفائدته أن يعتقدها في قلبه، ولو عقدها في أحدهما دون الآخر لم يكن معتقدا، وهو كالتعظيم.

وكان أبو الحسن الكرخيّ رحمه الله تعالى يقول: (قراءة التّشديد لا تحتمل إلاّ العقد بالقول، وقراءة التّخفيف تحتمل عقد القلب، وهو العزيمة والقصد إلى القول).

ويحتمل عقد اليمين قولا؛ يقال: عقدت على أمر كذا؛ إذا عزمت عليه.

وقيل: الأصحّ أن المراد بالعقد القول؛ لأنه لا خلاف بين الأئمّة أن القصد من اليمين لا يتعلق به وجوب الكفّارة، وإن وجوبها متعلق باللفظ دون القصد. ويحتمل أن يكون معنى التشديد: أنه متى أعاد اليمين على وجه التكرار، وهو يريد التكرار لا يلزمه إلا كفارة واحدة.

وقرأ أهل الشام: «(عاقدتم)» بألف وهو من المعاقدة، وهو أن يحلف الرجل لصاحبه على مسألته، أو يحلف كلّ واحد منهما لصاحبه.

قوله تعالى: {فَكَفّارَتُهُ؛} أي كفّارة ما عقّدتم من الأيمان عند الحنث، {إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ؛} أي من أعدل ما تطعمون أهليكم غداء وعشاء لا وكس ولا شطط.

وقيل: معناه: من أوسطه في الشّبع، ولا تفرط في الأكل، ولا يكون دون المغنى عن الجوع، فإن أراد أن يطعمهم الطعام أعطى لكلّ مسكين نصف صاع من حنطة عند أصحابنا، هكذا روي عن عمر وعليّ (١) وعائشة. وقال الشافعيّ ومالك: (مدّا بمدّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم).

والمدّ: رطل وثلث، وهكذا روي عن زيد بن ثابت وابن عبّاس وابن عمرو رضي الله عنهم أجمعين (٢).وأما غداؤهم وعشاؤهم فلا عبرة بمقدار الطعام، إلا أن


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٦٧٣) عن عمر، والنص (٩٦٧٤) عن علي.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٦٨٨) بأسانيد عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>