للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنا مالك، ولا يزال كذلك حتى يساق إلى النار ويغلّ، وهذا قول ابن مسعود وابن عبّاس والشعبيّ والسّدّيّ.

وقال صلى الله عليه وسلم: [ما من ذي رحم يأتي إلى ذي رحمه يسأله من فضل ما أعطاه الله فيبخل به عليه؛ إلاّ أخرج الله له من جهنّم شجاعا يتلمّظ حتّى يطوّقه. ثمّ تلا هذه الآية] (١).وقال صلى الله عليه وسلم: [مانع الزّكاة في النّار] وذهب بعضهم إلى أنّ المراد بهذه الآية اليهود؛ بخلوا بيان صفة النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومعنى {(سَيُطَوَّقُونَ)} على هذا القول: وزره ومأثمه. والأظهر في هذه الآية: أنّه البخل بالمال.

قوله تعالى: {وَلِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ؛} تحريض الإنفاق؛ ومعناه:

يموت أهل السّماوات وأهل الأرض كلّهم من الملائكة والجنّ والإنس ولا يبقى إلاّ الله، وإذا كانت الأموال لا تبقى للإنسان ولا يحملها مع نفسه إلى قبره؛ فالأولى به أن ينفقها في الوجوه التي أمر الله بها؛ فيستوجب بها الحمد والثواب. قوله تعالى:

{وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (١٨٠)؛أي عالم بمن يؤدّي الزّكاة ومن يمنعها.

قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ؛} قال مجاهد: (لمّا نزل قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً} (٢) قالت اليهود: إنّ الله يستقرض منّا ونحن أغنياء).قال الحسن: (إنّ قائل هذه المقالة حييّ ابن أخطب) (٣).قال عكرمة والسّدّيّ ومقاتل: (كتب النّبيّ صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر رضي الله عنه إلى اليهود يدعوهم إلى الإسلام وإلى إقامة الصّلاة وإيتاء الزّكاة وأن يقرض الله قرضا حسنا، فدخل أبو بكر مدارسهم؛ فوجد ناسا كثيرا منهم قد اجتمعوا على رجل يقال له فنحاص بن عازورا؛ وكان من علمائهم، فقال أبو بكر رضي الله عنه لفنحاص: اتّق الله وأسلم، فو الله إنّك تعلم أنّ محمّدا رسول الله تجدونه مكتوبا عندكم في التّوراة والإنجيل؛ فآمن وصدّق وأقرض الله قرضا حسنا يدخلك الجنّة. فقال فنحاص: يا أبا بكر تزعم أنّ ربّنا يستقرض منّا أموالنا، وما يستقرض إلاّ الفقير من الغنيّ، فإن


(١) أخرجه الطبراني في الأوسط: الحديث (٥٥٨٩).
(٢) البقرة ٢٤٥/.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٦٦١٩) عن الحسن، والنص (٦٦٢٠) عن قتادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>