للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في هذه الآية: (أنّ الله تعالى جعل القرآن حكما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فحكم القرآن على اليهود والنّصارى بأنّهم على غير الهدى فأعرضوا).وقال قتادة: (هم اليهود دعوا إلى حكم القرآن واتّباع محمّد صلى الله عليه وسلم؛ فأعرضوا وهم يجدونه مكتوبا عندهم في كتبهم) (١).

قوله تعالى: {(ثُمَّ يَتَوَلّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ)} أي يعرض؛ جمع كثر منهم من الدّاعي وهم معرضون عن العمل بالمدعوّ إليه، وقيل: معناه: ثمّ يتولّى فريق منهم بعد علمهم أنّها في التوراة، وإنّما ذكر الإعراض بعد التولّي؛ لأن الإنسان قد يعرض عن الدّاعي ويتأمّل ما دعاه إليه فينكر أنه حقّ أو باطل، وهم لم يتأمّلوا ولم يتفكّروا فيما دعوا إليه.

قوله تعالى: {ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ إِلاّ أَيّاماً مَعْدُوداتٍ؛} أي {(ذلِكَ)} الإعراض والكذب {(بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ إِلاّ أَيّاماً مَعْدُوداتٍ)} يعنون الأربعين يوما التي عبد آباؤهم فيها العجل. قوله تعالى: {وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ} (٢٤)؛أي غرّهم افتراؤهم على الله أنّه لا يعذبهم إلاّ أيّاما معدودات، ويقال: غرّهم افتراؤهم أنّهم قالوا نحن أبناء الله وأحبّاؤه.

قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ؛} أي كيف يحتالون وكيف يصنعون إذا جمعناهم بعد الموت لجزاء يوم لا شكّ فيه. قوله تعالى:

{وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} (٢٥)؛أي أعطيت كلّ نفس برّة وفاجرة جزاء ما عملت من خير أو شرّ تامّا وافيا، {(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)} أي لا ينقصون من حسنة ولا يزادون على سيّئة. قال الضحّاك عن ابن عبّاس: (أوّل راية ترفع لأهل الموقف ذلك اليوم من رايات الكفّار راية اليهود؛ فيفضحهم على رءوس الأشهاد ثمّ يأمر بهم إلى النّار) (٢).


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٥٣٣٤).
(٢) نقله الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٣ ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>