للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثواب عليها في الآخرة؛ {وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ} (٢٢)؛أي من ناصر يمنعونهم من العذاب إذا نزل بهم.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} (٢٣).قال الكلبيّ: (وذلك أنّ رجلا وامرأة من أشراف أهل خيبر من اليهود فجرا وكان في كتابهم الرّجم؛ فكرهوا رجمهما لشرفهما ورجوا أن يكون لهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رخصة في أمرهما في الرّجم فيأخذوا به. فرفع أمرهما إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فحكم عليهما بالرّجم، فقال بعضهم: جرت علينا يا محمّد! فقال صلى الله عليه وسلم: [بيني وبينكم التّوراة، فمن أعرفكم بها] قالوا: ابن صوريّا، فأرسلوا إليه، فلمّا قدم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أنت ابن صوريّا؟] قال: نعم، قال: [أنت أعلم اليهود؟] قال: كذلك يزعمون. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من التّوراة فيه آية الرّجم-دلّه على ذلك ابن سلام-فقال لابن صوريّا: اقرأ؛ فلمّا أتى على آية الرّجم فوضع كفّه عليها؛ ثمّ قام ابن سلام وقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قد جاوزها ووضع كفّه عليها، ثمّ قام ابن سلام فرفع كفّه عنها، وقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المحصن والمحصنة إذا زنيا وقامت عليهما البيّنة؛ فيسأل عن البيّنة، فإن كانوا عدولا رجم، وإن كانت المرأة حبلى يتربّص بها حتّى تضع ما في بطنها).فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما فرجما، فغضبت اليهود لذلك غضبا شديدا ورجعوا كفّارا) (١).فذلك قوله تعالى: {(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ)} معناه: ألم تعلم يا محمّد بالذين أعطوا حظا من التوراة.

وقوله: {(يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ)} قال ابن عبّاس: (هو التّوراة دعي إليها اليهود فأبوا لعلمهم بلزوم الحجّة، وأنّ فيه البشارة بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم).وقال الحسن وقتادة: (أراد به القرآن، فإنّهم دعوا إلى القرآن لموافقته التّوراة في أصول الدّيانة) (٢).وعن الضحّاك


(١) أصله من حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب التفسير: باب (٦):الحديث (٤٥٥٦).
(٢) في الدر المنثور: ج ٢ ص ١٧٠؛ قال السيوطي: «أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ... وذكره بمعناه».

<<  <  ج: ص:  >  >>