للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأمّتي ما حدّثت به أنفسها ما لم يعملوا أو يتكلّموا به] (١).وهذا قول ابن مسعود وأبي هريرة وعائشة برواية ابن جبير وعطاء وابن سيرين وقتادة والكلبيّ وشيبان.

وقال بعضهم: لا يجوز أن تكون هذه الآية منسوخة؛ لأنّها خبر من عند الله؛ والخبر لا يحتمل النسخ؛ لأنه خلف؛ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا، لكنّ المراد بالآية إظهار العمل وإخفاؤه. وقال الربيع: (هذه الآية محكمة لم ينسخها شيء، فإنّ الله تعالى يعرّف عبده يوم القيامة، يقول: إنّك أخفيت في صدرك كذا وكذا، يحاسبه على ما أسرّ وأعلن من حركة في جوارحه وهمّه في قلبه، فهكذا يصنع بكلّ عباده، ثم يغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء) (٢).

وقيل: لا يؤاخذ المؤمن بما حاسبه من ذلك، فمعناه: وإن تظهروا ما في أنفسكم من المعاصي أو تضمروا إرادتها في أنفسكم فتخفوها {(يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)} أي يخبركم بها ويحاسبكم عليها، ثم يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، وهذا قول الحسن والربيع ورواية الضحاك عن ابن عباس، يدلّ عليه قوله تعالى: {وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً} (٣).

وقال آخرون: معنى الآية: أنّ الله يحاسب خلقه بجميع ما أبدوا من أعمالهم وأخفوا ويعاقبهم عليه؛ غير أنّ معاقبته إياهم على ما أخفوا مما لم يعملوا بها بما يحدث في الدنيا من النوائب والمصائب والأمور التي يحزنون عليها ويألمون بها؛ مثل الحمّى وغير ذلك حتى الشوكة يشاكها والشيء يضيع فيفقده ويراع عليه، ثم يجده (٤).وهذا قول عائشة رضي الله عنها (٥).


(١) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب العتق: باب الخطأ والنسيان: الحديث (٢٥٢٨).ومسلم في الصحيح: كتاب الإيمان: باب تجاوز الله عن حديث النفس: الحديث (١٢٣/ ٢٠١).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٥٠٨٨).
(٣) الإسراء ٣٦/.
(٤) في أصل المخطوط: (يحدثه) بدل (يجده).
(٥) روى الضحاك عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله ما حدّث العبد به نفسه من شرّ كانت محاسبة الله تعالى عليه؟ فقال: [يا عائشة هذه معاتبة الله عزّ وجلّ العبد بما يصيبه من-

<<  <  ج: ص:  >  >>