للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ؛} قرأ عاصم «(تجارة)» بالنصب على خبر كان، وأضمر اسمها؛ تقديره: إلا أن تكون المداينة تجارة أو المبايعة تجارة. وقرأ الباقون بالرفع لوجهين؛ أحدهما: أن يكون الكون بمعنى الوقوع؛ تقديره: إلا أن تكون تجارة؛ فحينئذ لا خبر له، والثاني: أن تجعل تجارة اسم يكون، والخبر {(تُدِيرُونَها)تقديره: إلا أن تكون تجارة حاضرة دائرة بينكم.

ومعنى الآية: إلاّ أن تقع تجارة حالّة يدا بيد، {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاّ تَكْتُبُوها؛} في ترك الكتابة في تلك التجارة؛ لأنه ليس فيه أجل ولا نسيئة، وهذا توسعة من الله للعباد كيلا يضيّق عليهم أمر بيعاتهم في المأكول والمشروب والأشياء التي تمسّ حاجتهم إليها في أكثر الأوقات. ويشقّ عليهم كتابة جميعها.

قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ؛} أي أشهدوا على حقوقكم إذا بعتم واشتريتم، وهذا محمول على البياعات النفيسة، فأما القدر اليسير الذي ليس في العادة التوثيق بالإشهاد فيه نحو شراء الخبز والبقل وما جرى مجراه؛ فغير داخل في هذا الخطاب.

قال الضحّاك: (قوله: {(وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ)} هذا الإشهاد واجب في صغير الحقّ وكبيره؛ ونقده ونسيئته ولو كان على تافه).وقال آخرون: هو أمر ندب؛ إن شاء أشهد وإن شاء لم يشهد.

قوله تعالى: {وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ؛} يحتمل وجهين؛ أحدهما:

لا يضارّ الكاتب ولا الشاهد الطالب والمطلوب؛ يعني لا يكتب الكاتب إلا بالحقّ، ولا يشهد الشاهد إلا بالحقّ. تقديره: لا يضارر على النهي. والثاني: على اسم ما لم يسمّ فاعله؛ أي لا يدعى الكاتب وهو مشغول لا يمكنه ترك شغله إلا بضرر يدخل عليه، وكذلك لا يدعى الشاهد ومجيئه يضرّ به.

قوله تعالى: {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ؛} أي لا تقصدوا المضارّة بعد نهي الله تعالى عنها، فإنه إثم وخروج من أمر الله. وقوله تعالى:

{وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ؛} أي {(وَاتَّقُوا اللهَ)} في الضّرار ولا تعصوه

<<  <  ج: ص:  >  >>