للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن أنسى، قال: فلا تحمل إن شئت) (١).وقال الحسن: (هذه الآية في التّحمّل والإقامة إذا كان فارغا) (٢).

قوله تعالى: {وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ؛} أي لا تملّوا أن تكتبوا الحقّ قليلا كان أو كثيرا إلى محله، يقال: سأمت أسأم سآمة؛ إذا مللت، قال زهير (٣):

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولا لا أبا لك يسأم

وقال لبيد (٤):

ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا النّاس كيف لبيد؟

و (أن) في موضع نصب من وجهين؛ إن شئت جعلته مع الفعل مصدرا؛ وأوقعت السّئامة عليه؛ تقديره: ولا تسأموا كتابته. وإن شئت نصبه بنزع الخافض، و (الهاء) راجعة إلى الحقّ؛ أي ولا تسأموا من أن تكتبوه.

وقرأ السلمي: «(ولا يسأموا)» بالياء، وقوله تعالى: (صغيرا أو كبيرا) انتصب من وجهين؛ أحدهما: على الحال من الهاء. والثاني: أن يجعله خبرا ل‍ (كان) المحذوفة؛ تقديره: صغيرا كان الحقّ أو كبيرا.

قوله عزّ وجلّ: {ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلاّ تَرْتابُوا} أي الكتاب أعدل عند الله وأحصى للأجل وأحفظ للشهادة وأقرب أن لا يشكّوا في مقدار الحق ومقدار الأجل. وفي هذا دليل أنه لا يجوز إقامة الشهادة إلا مع زوال الريب، كما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: [إذا رأيت مثل الشّمس فاشهد وإلاّ فدع] (٥).


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٥٠٠٥).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٥٠١٠).
(٣) البيت من معلقة زهير؛ ينظر: الديوان: ص ٢٩.شرح الشنقيطي (٨٦).
(٤) البيت للبيد؛ ينظر: ديوان لبيد (٣٥). المحتسب: ج ١ ص ١٨٩.
(٥) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>