للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقفت ناقته، فزجرها فلم تنزجر وبركت، فقال صلّى الله عليه وسلّم: [ما هذا بعادة، ولكن حبسها حابس الفيل].

ودعا عمر رضي الله عنه ليرسله إلى أهل مكّة، فيأذنوا له بأن يدخل مكّة ويحلّ من عمرته وينحر هديه، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله؛ ما لي بها حميم وليس بمكّة من بني عديّ بن كعب يمنعني، وإنّي أخاف قريش على نفسي لأنّها قد علمت عداوتي إيّاها، ولكن أدلّك على رجل أعزّ بها منّي عثمان بن عفّان، قال: [صدقت].فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عثمان بن عفّان فأرسله.

فجاء الشّيطان وصاح في عسكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: بأنّ أهل مكّة قتلوا عثمان، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الشّجرة فاستند إليها، وبايع النّاس على قتال أهل مكّة.

قال عبد الله بن معقل: كنت قائما على رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك اليوم، وبيدي غصن من الشّجرة أذبّ به عنه وهو يبايع النّاس، كان أوّل من بايع رجل من بني أسد يقال له أبو سنان بن وهب (١).

واختلفوا في عدد أهل البيعة، فقال قتادة: (كانوا خمس عشرة مائة)،وقال ابن عبّاس: (كانوا ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين) (٢)،وقال جابر: (كانوا ألفا وأربعمائة) (٣).

قوله تعالى: {فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ؛} أي فعلم الله ما في قلوبهم من الصّدق والوفاء والإخلاص والعزم على القتال، {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ؛} يعني الطّمأنينة والصبر والرضا حين بايعوا على أن يقاتلوا ولا يفرّوا، {وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} (١٨)؛أي وأعطاهم فتح خيبر.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٣٩٥).وذكره الواقدي في المغازي: ج ٢ ص ٩١؛ ولكنه قال: (سنان بن أبي سنان بن محصن) وأبو سنان هو وهب بن محصن، قاله ابن عبد البر في الاستيعاب: الترجمة (١٠٧٧):ج ٢ ص ٢١٨؛وقال: (واسم أبي سنان وهب بن محصن) وسنان الابن، ورجح أن الأب هو أول من بايع.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٤٠١) وأصله عند مسلم في الصحيح.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>