للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ؛} أي إنّهم في ترك القبول بمنزلة الصّمّ العمي، وسيؤدّيهم تكذيبهم إلى العمى، وقوله تعالى:

{وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى؛} أي عموا عن القرآن وصمّوا عنه.

وقال السديّ: (عمت قلوبهم عنه) (١).والمعنى: وهو عليهم ذو عمى. وانتصب قوله (عمى) على المصدر. وقوله تعالى: {أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ} (٤٤)؛أي إنّهم لا يسمعون ويفهمون كما أنّ من دعا من مكان بعيد لم يسمع ولم يفهم. والمعنى: أنّه بعيد عندهم من قلوبهم ما يتلى عليهم.

قوله تعالى: {وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ؛} يعني التوراة، {فَاخْتُلِفَ فِيهِ؛} قومه كما اختلف قومك في القرآن، وهذا تسلية للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم (٢)؛أي كما آتيناك الكتاب وكذب به قومك وصدّق به بعضهم كذلك آتينا موسى الكتاب فكذب به بعض قومه وصدّق به بعضهم.

قوله تعالى: {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ؛} معناه:

ولولا كلمة سبقت من ربك في تأخير العذاب عن هذه الأمة إلى يوم القيامة كما قال تعالى {بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ} (٣) لعذبهم بعذاب الاستئصال. وقيل: أراد بسبق الكلمة: أن لا يعذّبهم وأنت فيهم.

والمعنى: ولولا كلمة سبقت من ربك في تأخير العذاب عن مكذّبي القرآن إلى أجل مسمّى يعني القيامة، لقضي بينهم بالعذاب الواقع بمن كذب، {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ،} من صدقك وكتابك، {مُرِيبٍ} (٤٥)؛أي موقع لهم الرّيبة، وقيل: إنّهم لفي شكّ من القرآن ظاهر الشّكّ.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٦١٣).
(٢) في المخطوط: (وهذا تعدية للنبي صلّى الله عليه وسلّم)،والمناسب ما أثبتناه، والله أعلم.
(٣) القمر ٤٦/.

<<  <  ج: ص:  >  >>