للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (٤٢)؛أي منزّل من عالم بوجوه الحكمة، مستحقّ للحمد على خلقه بإنعامه عليهم.

قوله تعالى: {ما يُقالُ لَكَ إِلاّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ؛} فيه تسلية للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم على ما كان يلحقه من أذيّة قومه؛ أي قد قيل للأنبياء قبلك ساحر، وكذّبوا كما كذّبت. ويجوز أن يكون معناه: ما أقول لك ولا آمرك بتبليغ الوحي والرسالة إلاّ ما قد قيل للرّسل قبلك.

وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ} (٤٣)؛أي لذو مغفرة لمن تاب وآمن، وذو عقاب أليم لمن ثاب (١) على الكفر.

وقوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ؛} أي لو جعلناه قرآنا بلغة غير لغة العرب لقال العرب: ولو بيّنت آياته بلغة العرب حتى نفهمها عندك بغير مترجم.

قوله تعالى: {ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ؛} استفهام على وجه الاستبعاد؛ كأنّهم قالوا: كتاب أعجميّ ورسول عربيّ، كيف يكون هذا؟! فينكرونه أشدّ الإنكار. يقال:

رجل أعجميّ إذا كان لا يفصح سواء كان من العرب أو العجم، ورجل عجميّ إذا كان منسوبا إلى العجم وإن كان فصيحا، ورجل أعرابيّ إذا كان من أهل البادية سواء كان من العرب أو لم يكن، ورجل عربيّ إذا كان منسوبا إلى العرب وإن كان غير فصيح.

ومعنى الآية: أنّهم كانوا يقولون: إنّ المنزّل عليه عربيّ، والمنزّل أعجميّ، فكان ذلك أشدّ لتكذيبهم، {قُلْ؛} يا محمّد: {هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ؛} يعني القرآن هدى للذين آمنوا من الضّلالة وشفاء من الأوجاع. وقال مقاتل: (شفاء لما في القلوب بالبيان الّذي فيه) (٢).


(١) ثاب: رجع، وثاب الناس: اجتمعوا وجاءوا. والمثابة: الموضع الذي يثاب إليه مروى بعد أخرى، ومنه سمي المنزل مثابة، وأراد هنا الإصرار على الكفر.
(٢) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>