للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقال: إن المراد بالتسبيح في هذه الآية قوله في الحوت: لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين. قال السديّ: (لبث يونس في بطن الحوت أربعين يوما) (١)، وقال الضحّاك: (عشرين يوما) (٢)،وقال عطاء: (تسعة أيّام) (٣)،وقال مقاتل: (ثلاثة أيّام) (٤).

قوله تعالى: {*فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} (١٤٦)؛أي ألهمنا الحوت أن يطرحه على فضاء من الأرض، والعراء هو المكان الخالي من الشّجر والبناء، قال مقاتل: (معنى: {(فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ)} يعني وجه الأرض وهو سقيم قد بلي لحمه مثل الصّبيّ المولود)،قال ابن مسعود: (كهيئة الفرخ الّذي ليس عليه ريش).

وقيل: معنى {(وَهُوَ سَقِيمٌ)} أي وهو مريض، وذلك لما أصابه في بطن الحوت من الشدّة والضّغطة والبعد من الهواء والغذاء، حتى ضعف جسمه ورقّ جلده ولم يبق ظفر ولا شعر كالولد أوّل ما يخرج من بطن أمّه.

فلما ألقي على وجه الأرض كان يتأذى بحرّ الشّمس، فأنبت الله تعالى عليه شجرة من يقطين، قال الكلبيّ: (هي القرع)،وهي شجرة الدّبّاء العربي، وكلّ شجرة لا تقوم على ساق وتمتدّ على وجه الأرض مثل القرع والبطّيخ ونحوها فهو يقطين، واشتقاقه من قطن من المكان إذا أقام به، فهذا الشّجر يكون ورقه وساقه على وجه الأرض، فلذلك قيل: يقطين، ومن خصائص شجرة القرع أنّها لا يقربها ذباب، قالوا:

فكان يستظلّ بها من الشّمس، وسخّر الله له وعلة (٥) بكرة وعشيّا تختلف إليه، فكان


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٢٧٢٠).
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٠١.
(٣) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٠١.
(٤) نقله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٥ ص ١٢٣ عن مقاتل بن حيان. وكذا البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٠١.
(٥) الوعل: تيس الجبل. والأنثى: وعلة. ينظر: القاموس المحيط: (وع ل)

<<  <  ج: ص:  >  >>