ثم أمر بأن يخبرهم أنّهم على الضّلال بعبادة غير الله تعالى بقوله تعالى:
{وَإِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}(٢٤)؛وهذا على وجه الإنصاف في الحجّة لاستمالة قلوبهم، كما يقول القائل من المسارعين: أحدنا كاذب؛ وهو يعلم أنّه صادق وصاحبه كاذب.
والمعنى: ما نحن وأنتم إلاّ على أمر واحد؛ أحد الفريقين مهتد والآخر ضالّ، فالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم ومن اتّبعه على الهدى، ومن خالفه في ضلال مبين.
قوله تعالى:{قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمّا تَعْمَلُونَ}(٢٥) أي قل يا محمّد للكفّار لا تؤاخذون بجرمنا، ولا نؤاخذ بجرمكم، فانظروا لأنفسكم واعلموا أنّ حرصنا على إيمانكم لا ينفعكم، وهذا على وجه التّبرّؤ منهم ومن كفرهم.
قوله تعالى:{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا؛} يعني بعد البعث في الآخرة في المحشر، {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ؛} أي ثم يقضي بيننا ويحكم بيننا بالعدل، {وَهُوَ الْفَتّاحُ الْعَلِيمُ}(٢٦)؛أي وهو القاضي العليم بما يقضي.
قوله تعالى:{قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلاّ؛} أي قل لهم أروني الّذين ألحقتموهم بالله تعالى وجعلتموهم شركاء الله في العبادة؛ هل لهم قدرة على الخلق والأمر، وهل يرزقون ويخلقون؟ وقوله تعالى {(كَلاّ)} كلمة ردع وزجر؛ أي ارتدعوا عن مقالتكم وانزجروا؛ فإنّكم لا تقدرون أن تجعلوا لله شركاء، {بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(٢٧)؛أي المنيع الغالب لكلّ شيء (١)،الحكيم في تدبيره لخلقه، فأنّى يكون له شريك في ملكه. وقيل: معناه: قل أروني الذين ألحقتموهم بالله في العبادة شركاء هل يرزقون ويخلقون؟ كلاّ؛ لا يرزقون ولا يخلقون، بل الذي يخلق ويرزق هو الله العزيز في ملكه، الحكيم في أمره.
قوله تعالى:{وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً؛} أي ما أرسلناك يا محمّد إلاّ للناس كافّة أي كلّهم، أحمرهم وأسودهم. وقيل: معناه: إلاّ
(١) في المخطوط: (أي المنيع الغالب الذي لكل شيء) ولا يستقيم المعنى.