قوله تعالى:{وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنّا مُسْلِمِينَ}(٤٢)؛هذا من قول سليمان عليه السّلام وقومه؛ أي قالوا: وأعطينا العلم بها وبملكها وسريرها من قبل مجيئها، وهو ما أخبر به الهدهد من شأنها وقصّتها، وقالوا: وكنّا مسلمين بحمد الله عزّ وجلّ من قبل مشاهدة المعجزات، وهذا قول مجاهد.
وقال بعضهم: هذا قول من بلقيس لمّا رأت عرشها قالت: وأوتينا العلم بصحّة نبوّة سليمان عليه السّلام من قبل الآية في العرض وكنا مسلمين طائعين منقادين لأمر سليمان عليه السّلام قبل أن نجيء إليه.
قوله تعالى:{وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ؛} أي منعها الإيمان بالله العبادة التي كانت عليها من عبادة الشّمس. والمعنى: وصدّها عن الإيمان والتوحيد الذي كانت تعبد من دون الله؛ وهو الشّمس؛ لأنّها نشأت في قوم لم يكونوا يعرفون إلاّ عبادة الشّمس؛ لأنّها كانت من المجوس.
قوله تعالى:{إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ}(٤٣)؛أي إنّها كانت من قوم يعبدون الشّمس، فنشأت في ما بينهم. وقال بعضهم معنى قوله: {(وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ)} أي صدّها سليمان؛ أي منعها ذلك، وحال بينه وبينها، فعلى هذا يكون موضع {(ما)} نصبا.
قوله تعالى:{قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ؛} وذلك أنّ بلقيس لمّا لم تسلم بما رأت من الآيات، أراد سليمان عليه السّلام أن يريها آية أخرى لتسلم، فأمر الجنّ والشياطين أن يبنوا لها صرحا؛ أي قصرا من زجاج مملّس، وأن يجروا تحته الماء، ويجعلوا فيه المسك والزّمرّد الأملس، وشجرة مرداء؛ أي ملساء لا ورق لها. ففعلوا ذلك ثم وضعوا له سريرا في صدر الصّرح فجلس عليه، وعكفت عليه الطير والجنّ والإنس.
وقيل: إنّ سليمان عليه السّلام إنّما أمر ببناء الصّرح؛ لأن الجنّ كانوا قد أخبروه أن رجلها رجل حمار، وإنّها شعراء الرّجلين؛ لأن أمّها كانت من الجنّ، فخافوا أن يتزوّجها فتفشي إليه أسرار الجنّ، فأرادوا أن يزهدوه فيها بهذا الكلام، وقالوا له أيضا: إنّ في عقلها شيء، فأراد أن يختبر حقيقة قولهم أنّ رجلها كحافر الحمار،