للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قال العفريت: أنا أضع قدمي عند منتهى بصري، فليس شيء أسرع منّي) (١) {وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} (٣٩)؛أي قويّ على حمله، أمين على ما فيه من الذهب والجواهر. فقال سليمان: أريد أسرع من ذلك.

قوله تعالى: {قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ؛} وهو آصف بن برخيا كان يعلم الاسم الأعظم (٢) الذي إذا دعي به أجاب، وهذا قول أكثر المفسّرين. وقال بعضهم: هو جبريل، وقيل: هو ملك من الملائكة.

وقوله تعالى: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ؛} قال ابن جبير: (قال لسليمان: انظر إلى السّماء، فما طرف حتّى جاء به فوضعه بين يديه) (٣).

والمعنى: حتى يعود إليك طرفك بعد مدّه إلى السّماء. وقيل: معناه: بقدر ما تفتح عينيك، وهذا الكلام عبارة عن المبالغة في السّرعة.

قال محمّد بن اسحاق: (انخرق مكان عرشها حيث هو، ثمّ نبع بين يدي سليمان) (٤) ومثل هذا روي عن ابن عبّاس. وقال الكلبيّ: (خرّ آصف ساجدا ودعا بالاسم الأعظم، فغار عرشها تحت الأرض حتّى نبع عند كرسيّ سليمان) (٥).

قال أهل المعاني: لا ينكر من قدرة الله «نقله» من حيث كان، ثم يوجده حيث كان سليمان بالأفضل، لدعاء الذي عنده علم من الكتاب، ويكون ذلك كرامة للوليّ ومعجزة للنبيّ.

واختلفوا في ذلك الدّعاء الذي دعا به آصف، فقال مقاتل ومجاهد: (يا ذا الجلال والإكرام) (٦)،وقال الكلبيّ: (يا حيّ يا قيّوم)،وقيل: قال له سليمان: قد رأيتك ترجع شفتيك فما قلت؟ قال: قلت إلهي وإله كلّ شيء واحد لا إله إلاّ أنت


(١) قاله مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٤٧٧.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: الأثر (١٦٣٨١).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: الأثر (١٦٣٨٨) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: الأثر (١٦٣٩٠).
(٥) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٩٦٢،وأصله كما في الأثر السابق عند ابن أبي حاتم.
(٦) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٥٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>