للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما أغلقت المرأة الأبواب دونها ونامت على سريرها، ووضعت المفاتيح تحت وسادتها، فأتى بها الهدهد من الكوّة وهي نائمة مستلقية على قفاها، فألقى الكتاب على وجهها ونبّهها بمنقاره وصوته، فأخذت الكتاب، وكانت كاتبة قارئة عربيّة من تبّع بن سراحيل الحميريّ، فقرأت الكتاب وناخر الهدهد غير بعيد، فدعت بذوي الرّأي من قومها وهم اثنا عشر ألف قائد مع كلّ قائد مائة ألف مقاتل.

وقال قتادة: (كان أهل مشورتها ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا) (١) فجاءوا إليها،

و {قالَتْ} لهم: {يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ} (٢٩)؛أي حسن، وقيل: شريف، وقيل: مختوم، قال صلّى الله عليه وسلّم: [كرامة الكتاب ختمه] (٢).وقوله تعالى:

{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ؛} أي الكتاب من سليمان، {وَإِنَّهُ؛} المكتوب، {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلاّ تَعْلُوا} أي لا تستكبروا، {عَلَيَّ} ولا ترفّعوا عليّ، {وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} (٣١)؛منقادين طائعين.

قوله تعالى: {(أَلاّ تَعْلُوا عَلَيَّ)} بدل من {(كِتابٌ)} وموضعه على هذا القول رفع، ويجوز أن يكون نصبا على معنى بأن لا تعلوا عليّ. وقيل: معنى قوله {(وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)} أي مؤمنين بالله ورسوله من الإسلام الذي هو دين الله. وقيل: مستسلمين لأمري فيما أدعوكم إليه، فإنّي لا أدعوكم إلاّ إلى حقّ، فأطيعوني قبل أن أكرهكم على ذلك.

قوله تعالى: {قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي؛} أي قالت لأهل مشورتها: بيّنوا لي. ما أعمل في أمري بما هو الصواب، وأشيروا عليّ، فإنّي {ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً؛} من الأمور في ما مضى، {حَتّى تَشْهَدُونِ} (٣٢)؛ تحضرون فتشاوروني، فأشيروا عليّ في هذا الكتاب، ما أصنع فيه؟


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٤٩٥)،بلفظ: (وكان أولو مشورتها ثلاث مائة واثني عشر).
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط: ج ٤ ص ٥١٩:الحديث (٣٨٨٤)،وقال: (تفرد به يحيى بن طلحة).وفي مجمع الزوائد: ج ٨ ص ٩٩؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الأوسط، وفيه محمّد ابن مروان السدي الصغير، وهو متروك).وفي المخطوط بلفظ: (كَرِيمٌ).

<<  <  ج: ص:  >  >>