للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخبأ السّماوات: الأمطار، وخبأ الأرض: النبات، فعلى هذا تكون {(فِي)} بمعنى (من).

قوله تعالى: {وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ} (٢٥)؛أي يعلم ما يخفون في قلوبهم، وما يعلنون بألسنتهم. وفي قراءة الكسائيّ بالتاء، لأنّ أول الآية خطاب على قراءته بتخفيف (ألا) يا اسجدوا.

قوله تعالى: {اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (٢٦)؛ أراد بالعرش في هذه الآية سرير الملك الذي عظّمه الله ورفعه فوق سماوات سبع وجعله أعظم من السّماوات والأرض، ومن أعظم كلّ خلق، وجعل الملائكة تحفّ به وترفع أعمال العباد إليه؛ أي هو الذي يستحقّ العبادة لا غيره، وهو ربّ العرش لا ملكة سبأ؛ لأن عرشها وإن كان عظيما لا يبلغ عرش الله في العظم.

فلمّا فرغ الهدهد من كلامه، {*قالَ؛} سليمان للهدهد: {سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ؛} فيما أخبرتنا به من هذه القصّة، {أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ} (٢٧) فنعذّبك.

ثم كتب سليمان كتابا ختمه بخاتم ودفعه إلى الهدهد، وذلك قوله تعالى:

{اِذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ؛} أي إلى أهل سبأ. وقوله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ؛} أي انصرف عنهم، وهذا على التقديم والتأخير، تقديره: {فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ} (٢٨)؛ثمّ تولّ عنهم؛ لأن التولّي عنهم بعد الجواب، ومعنى {(فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ)} أي ماذا يردّون من الجواب. وقيل: معناه: {(ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ)} أي انصرف عنهم قليلا إلى حيث لا يرونك {(فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ)} أي يقولون ويردون ويحسبون.

وكان كتاب سليمان عليه السّلام: من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ، السّلام على من اتّبع الهدى. أمّا بعد: فلا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين (١).وقال ابن جريج: (لم يزد سليمان على نص الله في كتابه) (٢).فلمّا كتب الكتاب طبعه بالمسك وختمه بخاتمه، وقال للهدهد: اذهب به، فأخذ الكتاب بمنقاره وذهب به.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٤٩٤).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٤٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>