للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتزوج منهم، فزوّجوه امرأة من الجنّ يقال لها: ريحانة بنت السكن، فولدت بلقيس، ولم يكن له ولد غيرها (١).

وعن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [كان أحدهم يؤتى بلقيس جنّيا] (٢) فلمّا مات أبوها ولم يخلّف أحدا غيرها طمعت في الملك، فطلبت من قومها أن يبايعوها، فأطاعها قوم وعصاها قوم آخرون، واختاروا عليها رجلا فملّكوه عليهم، فافترقوا فرقتين، كلّ فرقة منهم استولت بملكها على طرف من أرض اليمن.

ثمّ إنّ هذا الملك الّذي ملّكوه أساء السّيرة في أهل مملكته حتّى كان يمدّ يده إلى حرم رعيّته ويفجر بهنّ، فأراد أصحابه أن يخرجوه فلم يقدروا، فلمّا رأت بلقيس ذلك أدركتها الغيرة، فأرسلت إليه تعرض نفسها عليه، فأجابها إلى ذلك، وقال: ما منعني أن أبدأك بالخطبة إلاّ اليأس منك، فقالت: إنّي راغبة إليك لأنك كفؤ كريم، فاجمع رجال قومي فاخطبني إليهم، فجمعهم فخطبها إليهم فقالوا: لا نراها تفعل هذا، قال: إنّها هي الّتي ابتدأتني، فذكروا لها ذلك، فقالت: نعم؛ لأجل الولد، ولم أزل كنت كارهة لذلك، فالآن قد رضيت، فزوّجوها منه.

فلمّا زفّت إليه خرجت في ناس كثير من خدمها وحشمها، فلمّا جاءته سقته الخمر حتّى سكر، ثمّ حزّت رأسه وانصرفت من اللّيل إلى منزلها، فلمّا أصبح رأوا الملك قتيلا ورأسه منصوبا على رأس دارها، فعلموا أنّ تلك المناكحة كانت مكرا وخديعة منها، فاجتمعوا إليها وقالوا لها: أنت أحقّ بهذا الملك من غيرك، فقالت:

لولا العار والشّنار ما قتلته، ولكن عمّ فساده وأخذتني الحميّة حتّى فعلت ما فعلت، فملّكوها فأسّست أمرها (٣).

قوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛} قال عطاء (من زينة الدّنيا من المال والجنود)، {وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ} (٢٣)،أي سرير من ذهب طوله ثمانون


(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٩٥٧.
(٢) في الدر المنثور: ج ٦ ص ٣٥١؛قال السيوطي: (أخرجه ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه وابن عساكر عن أبي هريرة).وفي في العظمة: ص ٤٢١:الحديث (١٦٠٨/ ١٦).
(٣) ذكر مثله البغوي في معالم التنزيل: ص ٩٥٧ - ٩٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>