للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلوب المجرمين إذا قرأه عليهم محمّد صلّى الله عليه وسلّم).قال مقاتل: (يعني مشركي مكّة) (١)، أخبر الله تعالى أنه أدخل الشّرك في قلوبهم، فلم يؤمنوا إلاّ عند نزول العذاب حتى لم ينفعهم، وهو

قوله تعالى: {لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ} (٢٠١)؛ يعني عند الموت،

{فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} (٢٠٢)؛به في الدّنيا فيتمنّوا الرجعة والنّظرة.

قوله تعالى: {فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ} (٢٠٣)؛فنؤمن ونصدّق.

فلمّا أوعدهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالعذاب قالوا: فمتى العذاب؟! تكذيبا له، فقال الله

تعالى: {أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ} (٢٠٤)؛

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ} (٢٠٥)؛معناه أفرأيت يا محمّد إن أمهلنا كفار مكّة سنين، يريد منذ خلق الله الدّنيا إلى أن تنقضي، وقيل: مدّة أعمارهم،

{ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ} (٢٠٦)؛من العذاب،

{ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ} (٢٠٧)؛ به في تلك السّنين.

والمعنى: وإن طال تمتّعهم بنعيم الدّنيا، فإذا أتاهم العذاب لم يغن طول التمتّع عنهم شيئا، يكون كأنّهم لم يكونوا في نعيم قط، وهذه موعظة ما أبلغها! يحكى أنّ عمر بن عبد العزيز كان إذا قعد للقضاء كلّ يوم ابتدأ بهذه الآية، فوعظ بها نفسه، ثم ذكر هذه الأبيات:

تسرّ بما يفنى وتفرح بالمنى ... كما اغترّ باللّذات في النّوم حالم

حياتك يا مغرور سهو وغفلة ... وليلك نوم والرّدى لك لازم

قوله تعالى: {وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاّ لَها مُنْذِرُونَ} (٢٠٨)؛أي ما أهلكنا من قرية بالعذاب في الدّنيا إلاّ لها رسلا ينذرونهم بالعذاب أنه نازل بهم.

والمعنى: إلاّ لها منذرون قبل الهلاك، ونظيره {وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (٢).


(١) قاله مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٤٦٥.
(٢) الاسراء ١٥/.

<<  <  ج: ص:  >  >>