للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الزجّاج في قراءة قرأ {(آيَةً)} بالنّصب، فقوله {(أَنْ يَعْلَمَهُ)} اسم كان، و {(آيَةً)} خبره. ومعناه: أولم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل أنّ محمّدا نبيّ حقّ، ودلالة نبوّته (١).قال عطية: (كان علماء بني إسرائيل الّذين آمنوا خمسة: عبد الله بن سلام؛ وابن يامين؛ وثعلبة؛ وأسد؛ وأسيد) (٢)،وقرأ ابن عامر: «(أولم تكن)» بالتاء «(آية)» رفعا، قال الفراء: (جعل «آية» بعد الاسم و {(أَنْ يَعْلَمَهُ)} خبر كان) (٣).

قوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ} (١٩٨)؛أي لو نزّلنا القرآن على رجل أعجميّ لا يفصح،

{فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ؛} بغير لغة العرب ما آمنوا به، وقالوا: ما نفقه هذا! فذلك قوله تعالى: {ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} (١٩٩) وفي هذا بيان معاندتهم. والأعجم والأعجميّ بمعنى واحد؛ وهو الّذي في لسانه عجمة، ومنه العجماء؛ وهي الدّابة. فأما العجميّ فهو منسوب إلى العجم أفصح أو لم يفصح.

وعن ابن مسعود: أنّه سئل عن هذه الآية وهو راكب ناقته، فأشار إلى ناقته، فقال: (هذه من الأعجمين) كأنه ذهب إلى أنّ معنى الآية: أنه لو أنزلنا القرآن على البهائم فأنطقناها به، فقرأت عليهم ما آمنوا به (٤).

ثم ذكر الله سبب تركهم الإيمان فقال:

{كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} (٢٠٠)،قال ابن عبّاس: (معناه: سلكنا الشّرك والتّكذيب في


(١) بمعناه ذكره الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج ٤ ص ٧٨،ولفظه: (إذا قلت (يَكُنْ) فالاختيار نصب (آيَةً) ويكون (أَنْ يَعْلَمَهُ) اسم كان، ويكون آية خبر كان، المعنى ... ).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: النص (١٥٩٥٦) عن عطية العوفي.
(٣) في معاني القرآن: ج ٢ ص ٢٨٣؛ قال الفراء: (ولو قلت: (أولم تكن لهم آية) بالرفع (أَنْ يَعْلَمَهُ) تجعل أَنْ في موضع نصب لجاز ذلك).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٣٥٢) بإسنادين عن قول عبد الله بن مطيع، وليس عبد الله بن مسعود، ولعله وهم من الناسخ ورقة (٣٥٤).وعبد الله بن مطيع من رهط عمر بن الخطاب، كان اسم أبيه العاص وسماه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مطيعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>