وقوله تعالى: {إِلاّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ} (١٧١)؛يعني امرأته فإنّها كانت من الغابرين؛ أي من الباقين في موضع العذاب فهلكت معهم، وكانت تدلّ المشركين على أضيافه،
قوله تعالى: {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ} (١٧٢)؛أي أهلكناهم بالخسف والحصب، وهو أنّ الله تعالى خسف بقراهم، كما روي [أنّ جبريل رفعهم ببلادهم حتّى بلغ بهم إلى السّماء، فقلبهم وجعل عاليها سافلها] (١).
قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً؛} أي أمطرنا على ساكنهم ومسافريهم حجارة، {فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} (١٧٣)؛أي فبئس مطر الذين أنذروا فلم يؤمنوا.
قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} (١٧٤)؛أي في إهلاكنا إيّاهم لدلالة وعبرة لمن بعدهم،
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} (١٧٥).
قوله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} (١٧٦)؛اختلفوا في الأيكة، قال بعضهم: هو اسم مدين، وقال بعضهم: الأيكة اسم لمدينة أخرى غير مدين، وكان شعيب مبعوثا إلى كلّ واحدة من المدينتين، غير أنّه كان أخا مدين، ولم يكن أخا الأيكة، فلذلك لم يقل في هذه الآية: إذ قال لهم أخوهم،
وإنّما قال: {إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٧٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٧٨) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٧٩) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ} (١٨٠)؛وقيل: الأيكة الغيطة ذات الشّجر الكثيف، وجمعه أيك. وقيل: الأيك: شجر الدّوم وهو المقل، وكان أكثر شجرهم الدّوم. وتقرأ: «ليكة»،بغير ألف وتفتح.
قوله تعالى: {*أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ} (١٨٢)؛أي أتمّوا الكيل إذا كلتم، ولا تكونوا من الذين يبخسون حقوق الناس في الكيل والوزن،
{وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (١٨٣)؛قد تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} (١٨٤)؛أي اتّقوا الله الذي خلقكم وخلق {(الْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ)} أي وخلق الخلق الذين من قبلكم، والجبلّة بكسر الجيم والباء وبضمهما: الخلق الكثير.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: الحديث (١٥٨٩٣).