للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظلّ، ولا ينقص الظلّ بعد ذلك، بل يأخذ في الزيادة فيكون الوقت وقت صلاة العصر، فما دامت الشمس تنحطّ يصير الظلّ طويلا تحت ذلك الانحطاط. والظلّ تابع للشمس التي هي دليله، ويقال: معنى الآية: جعلنا الشمس مع الظلّ دليلا على توحيد الله وكمال قدرته.

قوله تعالى: {ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً} (٤٦)؛إذا طلعت الشمس قبض الله الظلّ قبضا يسيرا خفيّا؛ أي سلّطنا الشمس عليه حتى تنسخه شيئا فشيئا وتنقصه نقصا خفيّا لا يستدرك بالمشاهدة.

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً؛} أي يستر كلّ شيء تطلبه كاللّباس الذي يستر البدن، {وَالنَّوْمَ سُباتاً؛} أي راحة لأبدانكم، يقال:

سبت إذا تمدّد فاستراح، ومن ذلك يوم السّبت؛ لأن اليهود كانوا يستريحون فيه بقطع أعمال الدّنيا، والسّبات قطع العمل، {وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً} (٤٧)؛أي تنشرون فيه لمعاشكم وحوائجكم، والنّشور هاهنا بمعنى التفرّق والانبساط في التصرّف.

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ؛} أي أرسل الرّياح ينشر بها الغيم، ويبسط في السّماء قدّام المطر. وإنّما قيل في الرحمة:

رياح؛ لأنّها الجمع: الجنوب والشّمال والصّبا، وقيل في العذاب: ريح؛ لأنّها واحد وهي الدّبّور وهو عقيم لا يلقح.

قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً} (٤٨)؛وهو المطر، وهو طاهر ومطهّر من الأنجاس والأحداث،

{لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً؛} أي لنحيي بالمطر بلدة ليس فيها أشجار ولا أثمار ولا مرعى، {وَنُسْقِيَهُ مِمّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً} (٤٩)؛أي نسقي بذلك الماء كثيرا من خلقنا من الأنعام.

والأناسيّ: جمع إنسيّ مثل كرسي وكراسي، ويقال: جمع إنسان، وأصله أناسين، كما يقال: بستان وبساتين وسرحان وسراحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>