للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه الهوى، فقال: {(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ)}.قال ابن عبّاس: (معناه: أرأيت من ترك عبادة إلهه وخالفه، ثمّ هوى حجرا يعبده ما حاله عندي) (١)،قال مقاتل: (وذلك أنّ الحريث بن قيس السّهميّ هوى شيئا فعبده) (٢)،وقال سعيد بن جبير: (كان أهل الجاهليّة يعبدون الحجر، فإذا رأوا أحسن منه أخذوه وتركوا الحجر الأوّل) (٣).

قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} (٤٣)؛أي كفيلا حافظا تحفظه من اتّباع هواه وعبادة ما يهوى، أي لست كذلك، إنّما بعثت داعيا لا حافظا.

قوله تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ؛} أي أتظنّ يا محمّد أنّ أكثرهم يسمعون سماع تدبير وتفكّر، ويعقلون ما يعاينون من الحجج، {إِنْ هُمْ إِلاّ كَالْأَنْعامِ؛} يسمعون الصوت ولا يعقلون حقيقته، وهذا مثل قوله {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاّ دُعاءً وَنِداءً} (٤) وقوله تعالى: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} (٤٤)؛أي بل هم أضلّ من الأنعام؛ لأن الأنعام إذا زجرت انزجرت وهم لا ينزجرون، ولأن الأنعام تفهم بعض ما تسمع؛ لأنّها تنادى على صفة فتقف وتنادى على صفة فتسير.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً؛} معناه: ألم تر إلى صنع ربك كيف بسط الظلّ من وقت غروب الشّمس إلى وقت طلوعها من المشرق إلى المغرب. وقيل: من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ولو شاء لجعل الظلّ ساكنا؛ أي دائما لا يزول على أن لا تطلع الشمس، {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً} (٤٥)؛على الظلّ بمعنى أنه لولا الشمس لما عرف الظلّ؛ لأن الظلّ يتبع الشمس في طوله وقصره، فإذا ارتفعت الشمس في أعلى ارتفاعها قصر الظلّ، وذلك وقت صلاة الضّحى إلى أن تبلغ الشمس في الارتفاع مبلغا يزول عنده


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٥٢٠٠).
(٢) تفسير مقاتل: ج ٢ ص ٤٣٨.وفي الأصل المخطوط تحريف وأسقط شيئا ورسم الحروف (هوى يعبده) وضبط كما في تفسير مقاتل.
(٣) ذكره ابن عادل في اللباب: ج ١٤ ص ٥٤٠.
(٤) البقرة ١٧١/.

<<  <  ج: ص:  >  >>