للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ؛} أي أهلكنا عادا وثمودا وأصحاب الرّسّ. قال قتادة: (الرّسّ بئر باليمامة) (١)،قال السديّ: (بأنطاكيّة ونبيّهم حنظلة) (٢)،وإنّما سمّوا أصحاب الرّسّ؛ لأنّهم قتلوا نبيّهم ورسّوه في تلك البئر، والرّسّ واحد. وقال مقاتل والسدي: (هم أصحاب الرّسّ، والرّسّ بئر، فقتلوا فيها حبيب النّجّار فنسبهم إليها، وهم الّذين ذكرهم في سورة يس) (٣).وقيل: هم أصحاب الأخدود الذين حفروه. وقال عكرمة: (هم قوم رسّوا لنبيّهم) (٤) أي دسّوه في البئر.

روي أن رجلا سأل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرّسّ، أين كانت منازلهم، وبماذا أهلكوا، ومن نبيّهم، فإنّي أجد في كتاب الله ذكرهم، ولا أجد خبرهم؟ فقال عليّ رضي الله عنه: (لقد سألتني عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك، ولا يحدّثك به أحد بعدي، وكان من قصّتهم أنّهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر، كان غرسها يافث بن نوح على شفير عين جارية، وإنّما سمّوا أصحاب الرّسّ؛ لأنّهم رسّوا نبيّهم في الأرض، وذلك أنّه قيل لسليمان بن داود، وكانوا اثنا عشر قرية على شاطئ نهر يقال له الرّسّ من بلاد المشرق، وكان ملكهم يسمّى تركول بن عامور بن ياويس بن شارب بن نمرود بن كنعان، وكان أعظم مدائنهم سندباد بها العين، والصّنوبرة وهي شجرة عظيمة.

وكانوا قد حرّموا ماء العين وهي غزيرة الماء، فلا يشربون منها، ولا يسقون أنعامهم، ومن فعل ذلك منهم قتلوه، ويقولون: هي حياة آلهتنا! فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها. وقد جعلوا في كلّ شهر عيدا يجتمع إليه أهل كلّ قرية، ويضربون على الشّجرة ثيابا من حرير فيها من أنواع الصّور، ثمّ يأتوا بشياه وبقر فيذبحونها


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٠١٣).
(٢) في المخطوط: (وبينهم حمطلة) الصحيح كما أثبتناه في معالم التنزيل: ص ٩٢٧، قال البغوي: (وقال سعيد بن جبير: كان لهم نبي يقال له: حنظلة بن صفوان، فقتلوه فأهلكهم الله تعالى).
(٣) تفسير مقاتل: ج ٢ ص ٤٣٧.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٠٠١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>