للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ارجعوا، ولكن وجد منه ما يدلّ على ذلك وجب الرجوع، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: [الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلاّ فارجع] (١).وروي [الاستئذان ثلاث: مرّة يستمعون، ومرّة يستصلحون، ومرّة يأذنون].وقوله تعالى {(هُوَ أَزْكى لَكُمْ)} أي الرجوع أطهر وأنفع لدينكم من الجلوس على أبواب الناس، {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (٢٨)؛ أي بما تعملون من الدّخول بإذن وغير إذن عالم.

فلما نزلت آية الاستئذان؛ قالوا: فكيف بالبيوت التي بين مكّة والمدينة والشّام على ظهر الطّريق ليس فيها ساكن؟

فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ؛} بغير استئذان. وقيل: أراد بذلك المواضع التي لا يختصّ سكانها أحدا دون آخر مثل الخانات والرّباطات التي تتّخذ للمسافرين يتظلّلون فيها من الحرّ والبرد، ويدخل في هذا أخذ ما جرت العادة بأخذه مثل النواة والخرق الملقاة في الطريق، ويجوز أن يكون المراد بالبيوت في هذه الآية بيت التّجّار التي في الأسواق.

قوله تعالى: {فِيها مَتاعٌ لَكُمْ؛} أي منافع من اتّقاء الحرّ والبرد والاستمتاع بها. قال مجاهد: (كانوا يصنعون في طرق المدينة أقتابا (٢) وأمتعة في البيوت ليس فيها أحد، وكانت الطّرق إذ ذاك آمنة، فأحلّ لهم أن يدخلوها بغير إذن) (٣).وقال عطاء: (معناه بالمتاع هو قضاء الحاجة من الخلاء والبول) (٤).قوله تعالى: {وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ} (٢٩)؛أي لا يخفى عليه شيء من أعمالكم.

قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ؛} أي قل لهم يغضّوا من أبصارهم عن النظر إلى ما لا يحلّ لهم. واختلفوا في قوله تعالى {(مِنْ أَبْصارِهِمْ)}


(١) تقدم.
(٢) الأقتاب جمع قتب: الرّحل الصغير على قدر سنام البعير.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٩٦٣٢).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٩٦٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>