للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالت: إنّك لست كذلك، فلمّا خرج من عندها، قيل لعائشة: إنّ الله وعدهم بعذاب في الدّنيا والآخرة؟ فقالت: أوليس هذا عذاب؟ يعني ذهاب بصره.

واختلف المفسّرون في هذه الآية {(لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ)} {وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} (٢٣)؛فقال مقاتل: (هذه الآية خاصّة في عبد الله بن أبيّ المنافق ورميه عائشة) (١)،وقال ابن جبير: (هذا الحكم خاصّة فيمن قذف عائشة، فمن قذفها فهو من أهل هذه الآية) (٢)،وقال الضحّاك والكلبيّ: (هذا في عائشة وفي جميع أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خاصّة دون سائر المؤمنين) (٣)،قال ابن عبّاس: (هذه الآية في شأن أمّهات المؤمنين خاصّة ليس فيها توبة، وأمّا من قذف امرأة مؤمنة من غيرهنّ، فقد جعل الله له توبة).ثمّ قرأ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} إلى قوله:

{إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا،} قال: (فجعل الله لهؤلاء توبة، ولم يجعل لأولئك) (٤).

وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [من أشاع على رجل كلمة فاحشة وهو منها بريء يريد أن يسبّه بها في الدّنيا، كان حقّا على الله أن يدسّه بها في النّار. وأيّما رجل جاء في شفاعة حدّ من حدود الله تعالى فعليه لعنة الله إلى يوم القيامة] (٥).

قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ؛} قال الكلبيّ: (تشهد عليهم يوم القيامة ألسنتهم بما تكلّموا به من الفرية في قذف عائشة) {وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ} (٢٤)،قال ابن عبّاس: (تنطق بما عملت في الدّنيا)،وهذه عامّة في القاذفين وغيرهم. قرأ حمزة والكسائيّ: «(يوم يشهد)» بالياء لتقدّم الفعل.


(١) قاله مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٤١٤ بمعناه.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٩٥٨٥).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٩٥٨٧).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٩٥٨٩).
(٥) في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين: ج ٤ ص ١٧٧٣؛ قال العراقي: (رواه ابن أبي الدنيا موقوفا على أبي الدرداء، وقال: رواه الطبراني بلفظ آخر من حديثه مرفوعا).وفي مجمع الزوائد: ج ٤ ص ٢٠٠ - ٢٠١؛قال الهيثمي: (رواه كله الطبراني في الكبير، وإسناد الأول فيه من لم أعرفه، ورجال الثاني ثقات).عن أبي الدرداء بإسنادين، أوله: [أيّما رجل حالت شفاعته دون حدّ من حدود الله تعالى لم يزل في سخط الله حتى ينزع].

<<  <  ج: ص:  >  >>