للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عكرمة: (لمّا خلق الله آدم ونفخ فيه الرّوح وصار في رأسه، أراد أن ينهض قبل أن تبلغ رجليه فسقط، فقيل: خلق الإنسان من عجل).وقال السديّ:

(لمّا دخل الرّوح عيني آدم نظر إلى ثمار الجنّة، فلمّا دخل الرّوح في جوفه اشتهى الطّعام، فوثب قبل أن يبلغ الرّوح رجليه عجلا إلى ثمار الجنّة فلم يقدر، فذلك قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ)} (١).وإذا كان خلق آدم من عجل وجد ذلك في أولاده، وأورث أولاده العجلة حتى استعجلوا في كلّ شيء. قوله تعالى: {سَأُرِيكُمْ آياتِي؛} يعني القتل ببدر، {فَلا تَسْتَعْجِلُونِ} (٣٧)؛إنه نازل بكم.

قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} (٣٨)؛ أي يقول المشركون متى هذا الوعد الذي تعدنا، يريدون وعدهم يوم القيامة إن كنت من الصادقين في هذا الوعد،

قال الله تعالى: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} (٣٩)؛أي لو يعلمون ذلك ما استعجلوه ولا قالوا متى هذا الوعد. وقيل: معناه: لو علموا ذلك لعلموا صدق محمّد صلّى الله عليه وسلّم فيما توعّدهم به.

قوله تعالى: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً؛} معناه: بل تأتيهم الساعة فجأة وهم غافلون، {فَتَبْهَتُهُمْ؛} أي تحيّرهم، يقال: بهته؛ إذا واجهه بشيء فحيّره، {فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} (٤٠)؛يمهلون التوبة، أو عذرا، أو صلاح عمل.

قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ؛} أي ولقد استهزأت الأمم من قبلك برسلهم، كما استهزأ بك قومك، {فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} (٤١)؛بهم؛ أي فحلّ بهم وبال استهزائهم، وكان ما أرادوه بالداعي عائدا عليهم، كما قال تعالى: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ} (٢)،وقيل في الفرق بين الهزؤ وبين السّخرية: أن في السّخرية طلب الذّلّة؛ لأن التسخير هو التذليل، وأما الهزؤ فهو استصغار القدر بضرب من القول.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٥٦٤). (١) فاطر ٤٣/.

<<  <  ج: ص:  >  >>