موسى عليه السّلام-وهو من كبار الأنبياء-من طلب العلم والرّحلة دليل على أنّه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم، وإن كان قد بلغ نهايته، وأن يتواضع لمن هو أعلم منه).
قوله تعالى:{قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً}(٦٧)؛أي قال الخضر لموسى: إنّك ترى منّي شيئا لا تصبر عليه،
{وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً}(٦٨)؛ظاهره منكرا، والأنبياء والصالحون لا يصبرون على ما يرونه منكرا،
{قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً؛} على ما أراه منك، {وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً}(٦٩)؛تأمرني به.
قوله تعالى:{قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً}(٧٠)؛أي قال الخضر لموسى فإن اتّبعتني فلا تسألنّ عن شيء أنكرت فعله، ولا تعجل في المسألة عنه حتى أبيّن لك الوجه فيه وأفسره لك، لأنه قد غاب علمه عنك.
قوله تعالى:{فَانْطَلَقا حَتّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها؛} أي فمضيا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها الخضر، وذلك أنّهما لمّا مشيا على الساحل مرّت بهما سفينة، فكلّموهم أن يحملوهما بغير أجرة. قال ابن عبّاس:(فلمّا ركبا في السّفينة أخذ الخضر بيده فأسا، أو منقارا وأكبّ على السّفينة يخرقها، فقال له أهل السّفينة: ننشدك الله أن لا تخرقها، فقال له: يا عبد الله لا يحلّ لك هذا، فإنّك تغرقهم، فلم يكلّمه الخضر حتّى خرق السّفينة).
قيل: إنه قلع لوحين مما يلي الماء، فحشاهما موسى بثوبه و {قالَ؛} منكرا عليه: {أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً}(٧١)؛أي منكرا، ثم تنحّى موسى فجلس، وقال: ما أصنع في اتّباع هذا الرجل الذي يظلم الناس؟! كنت في بني اسرائيل أقرا عليهم التوراة بكرة وعشيّة ويقبلون منّي، فتركت ذلك وصحبت هذا الظالم
فقال له الخضر بعد ما أخرج أهل السفينة متاعهم إلى الساحل: أتدري ما تحدث به نفسك؟ قال: ما هو؟ فأخبره بما حدّث به نفسه، ثم {قالَ؛} له الخضر: