قوله تعالى:{فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ؛} أي لعلّ الله يؤتيني في دار البقاء بستانا خيرا من بستانك في الدّنيا، {وَيُرْسِلَ عَلَيْها؛} على بستانك؛ {حُسْباناً مِنَ السَّماءِ؛} أي نارا من السّماء فتحرقها، وسمّي العذاب حسبانا على معنى أنه يرسل عليها بحساب ما كسبت يدك.
وقال النضر بن شميل:(الحسبان المرامي) أي يرسل عليها مرامي عذابه إما برد، وإما حجارة وغيرهما بما شاء من أنواع العذاب، {فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً}(٤٠)؛أي أرضا ملساء لا نبات عليها.
قوله تعالى:{أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً؛} أي غائرا في الأرض يعني النهر الذي في خلالها، {فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً}(٤١)؛أي لا يبقى له أثر يطلبه بوجه من الوجوه، لا تناله الأيدي ولا الأرشية (١).
قوله تعالى:{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ؛} أي هلك ماله وبستانه، يقال: أحيط القوم إذا هلكوا، {فَأَصْبَحَ؛} الكافر، {يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ؛} أي يضرب بإحدى يديه على الأخرى، وتقليب الكفّين يفعله النادم كثيرا، وصار عبارة عن النّدم، {عَلى ما أَنْفَقَ فِيها؛} أي في جنّته، {وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها؛} أي ساقطة على سقوفها؛ {وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً}(٤٢)؛فندم حيث لا ينفعه الندم، ولم يكن تندّمه على إشراكه إيمانا منه؛ لأنه لم يقله تحقيقا للتّوبة، ولكن كان يتأسف على هلاك ماله.
قوله تعالى:{وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ؛} أي لم تنصره الفئة الذين افتخر بهم في قوله {(وَأَعَزُّ نَفَراً)} {وَما كانَ مُنْتَصِراً}(٤٣)؛بأن استردّ بدل ما ذهب منه.
قوله تعالى:{هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ؛} في ذلك الموطن علم الكافر أن الولاية بالنصر لله الحقّ، فهو الذي يملك النصر، هذا معنى قراءة «(الولاية)» بخفض الواو، وأما {(الْوَلايَةُ)} بفتح الواو فهو نقيض العداوة، وقيل: إن معنى قراءة «(الولاية)»
(١) المعنى لا تناله الدلاء فلا تلحقه أيديهم ولا الرشاء التي يسقون بها.