للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ؛} معناه: وإن يستغيثوا من شدّة الحرارة يغاثوا بماء كعكر الزّيت (١) أسود غليظ، وقيل: إن المهل هو الصّفر المذاب، ويقال: هو القيح والدم. قوله تعالى: {يَشْوِي الْوُجُوهَ؛} أي إذا قرب البشر منه أنضج الوجه بحرارته، وأسقط فروة وجهه ولحمه فيه، {بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ؛} النار؛ {مُرْتَفَقاً} (٢٩)؛أي ساءت متّكأ لهم، مأخوذ من المرفق؛ لأنّهم يتّكئون على مرافقهم، وقيل: معناه: وساءت منزلا ومقرّا، وقيل: مجتمعا مأخوذ من المرافقة.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} (٣٠)؛أي لا يبطل ثواب من أخلص لله، ويجوز أن يكون معناه:

إنا لا نضيع أجر من أحسن منهم، بل يجازيهم.

ثم ذكر جزاءهم فقال: {أُولئِكَ لَهُمْ جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ؛} أي بساتين إقامة، وقد ذكرنا صفات جنّات عدن. قوله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ؛} أي يلبسون في الجنان ذلك.

قال الزجّاج: (أساور: جمع أسورة، وأسورة جمع سوار) (٢)؛وهو زينة يلبس في الزّند من اليد، من زينة الملوك يسوّر في اليد ويتوّج على الرّأس. قال ابن جبير:

(على كلّ واحد منهم ثلاثة من الأساور، واحد من فضّة وواحد من ذهب وواحد من لؤلؤ وياقوت).

وعن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [لو أنّ أدنى أهل الجنّة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدّنيا جميعها لكان ما يحلّيه الله به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدّنيا جميعها] (٣).


(١) العكرة: بوزن الضّربة الكرّة، واعتكر اختلط. والعكر بفتحتين: درديّ الزّيت وغيره، وهو ما يبقى في الأسفل.
(٢) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج ٣ ص ٢٣١.
(٣) رواه الطبراني في الأوسط: الحديث (٨٨٧٣).وفي الدر المنثور: ج ٥ ص ٣٨٧؛ قال السيوطي: (أخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي في البعث عن أبي هريرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>