قوله تعالى:{وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ؛} أي لا تصرف بصرك عنهم لفقر هم إلى غيرهم من ذوي الهيئات والزّينة. قوله تعالى:{تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا؛} أي مجالسة أهل الشّرف والغنى {(تُرِيدُ)} ههنا في موضع الحال أي مريدا.
قوله تعالى:{وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}(٢٨)؛يريد عيينة وأبناءه، أي لا تطعهم في تنحية الفقراء عنك ليجلسوا إليك، ومعنى: {(أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا)} أي جعلناه غافلا عن القرآن والإسلام. قوله تعالى: {(وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)} أي ضياعا وندما، وقيل: هلاكا، وقيل: مخالفا للحق، وقيل: باطلا، وقيل: معناه: ضيّع أمره وبطل أيامه.
قوله تعالى:{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ؛} أي قل القرآن والدلالات على وحدانيّة الله ونبوّة رسوله هو الحقّ من ربكم، و {(الْحَقُّ)} مرفوع على الحكاية، وقيل:
خبر مبتدأ مضمر؛ أي هو الحقّ، والمعنى: وقل يا محمّد لهؤلاء الذي أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا: أيّها الناس الذي أنذركم به {(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ)}،لم أتكلّم به من قبل نفسي.
قوله تعالى:{فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ؛} تهديد بلفظ الخبر، والمعنى: فمن شاء فيؤمن، ومن شاء فيكفر، {إِنّا أَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها؛} فقد أعدّ لكم نارا على كفركم أحاط بكم سرادقها؛ قال ابن عبّاس:
(السّرادق: حائط من النّار يحيط بهم).
وقيل: دخان يحيط بهم قبل أن يصلوا إلى النار. وعن أبي سعيد الخدريّ قال:
(سرادق النّار أربعة جدر، غلظ كلّ جدار مسيرة أربعين سنة، فهذه الجدر محيطة بهم)(١).وقال ابن عبّاس:(معنى الآية: فمن شاء الله له الإيمان آمن، ومن شاء له الكفر كفر).
(١) رواه الإمام أحمد في المسند مرفوعا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم: ج ٣ ص ٢٩.وكذا رواه الترمذي في السنن: باب ما جاء في صفة شراب أهل النار: الحديث (٢٥٨٤).والحاكم في المستدرك: كتاب الأهوال: الحديث (٨٨١١).