للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقليل: ما لبثوا بعد خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من مكّة حتّى أهلكهم الله يوم بدر، غير أن التأويل الأول أصحّ.

قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ؛} قال ابن مسعود رضي الله عنه: (معناه: أقم الصّلاة لغروب الشّمس) (١) والصلاة المأمور بها على هذا هي المغرب، والغسق بدوّ الليل، وعن ابن عباس رضي الله عنهما في إحدى الرّوايتين عنه مثل قول ابن مسعود (٢)،وفي الرواية الثانية وهو قول الحسن ومجاهد وقتادة: (إنّ دلوكها زوالها) (٣) والصّلاة المأمور بها على هذا الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

فالغسق على هذا القول هو اجتماع ظلمة الليل.

قوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً} (٧٨)؛ صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار يصلّونها مع المسلمين. وإنما سميت صلاة الفجر قرآنا؛ لأن القراءة فيها طول، ولأن القراءة فريضة من الرّكعتين، وفي هذا بيان أن الصلاة لا تكون إلا بقراءة.

قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ؛} قال ابن عبّاس:

(فصلّ بالقرآن).والتّهجّد هو التّيقّظ بعد النّوم، ويقال: تهجّد إذا نام، وتهجّد إذا استيقظ، والمعنى: أقم الصلاة بالليل بعد التيقّظ من النوم، ويقال: المتهجّد القائم إلى الصلاة من النوم، وقيل له: متهجّد لانتفاء التجدّد عن نفسه.

قوله تعالى: {(نافِلَةً لَكَ)} أي تطوّعا، وقيل: فضيلة لك لرفع الدرجات لا للكفّارات، فإنه عليه السّلام قد غفر له من ذنبه ما تقدّم وما تأخّر، وليست لنا بنافلة، لكثرة ذنوبنا وإنما هي كفارة لغير النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، هكذا قال مجاهد (٤).وقد روي ما يدلّ على أنّها نافلة لغير النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو ما روى أبو أمامة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [الوضوء يكفّر ما


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٧٠١٨).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٧٠١٩).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٧٠٢٢) عن ابن عباس، و (١٧٠٢٥) عن الحسن، و (١٧٠٢٨) عن قتادة، و (١٧٠٢٩) عن مجاهد.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٧٠٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>