للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً} (١١)؛أي عجولا في الدّعاء بما يكره أن يستجاب له، وقال ابن عبّاس: (معناه ضجورا لا صبر له على السّرّاء والضّرّاء) (١).وقيل: أراد به آدم عليه السّلام لمّا نفخ فيه الروح فبلغ إلى رجليه، قصد القيام قبل أن يجري فيه الروح فسقط، فقيل له: لا تعجل).

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ؛} أي علامتين تدلاّن على قدرة خالقهما، {فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ؛} أي ضوء القمر، قال ابن عبّاس: (أراد به السّواد الّذي في القمر، وذلك أنّ الله خلق القمر أوّل ما خلقه على صورة الشّمس، وكانت شمس باللّيل وشمس بالنّهار، وكان لا يعرف اللّيل من النّهار، فأمر الله جبريل فمسح بجناحيه شمس اللّيل فذهب ضوؤها، وبقي علامة جناحه وهو السّواد الّذي يرونه في جوف القمر) (٢).

وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما أيضا: (جعل الله نور الشّمس سبعين جزءا، ونور القمر سبعين جزءا، فأمحي من نور القمر تسعة وستّون جزءا فجعلها من نور الشّمس، فصار ضوء الشّمس مائة وثلاثين جزءا، والقمر جزءا واحدا) (٣).

قوله تعالى: {وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً؛} وهي الشّمس مبصرة مضيئة منيرة، {لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ؛} أي لتسكنوا بالليل، وتطلبوا معايشكم بالنهار، إلاّ أنه حذف لتسكنوا بالليل؛ لأنه ذكره في موضع آخر، {وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ؛} أي جعلنا ذلك لتعلموا حساب الشّهور والأيّام ومواقيت الصلاة والصيام والحجّ، يعني بمحو آية الليل، {وَكُلَّ شَيْءٍ؛} من الأمر والنهي والحلال والحرام، {فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً} (١٢)؛أي بيّنّاه في القرآن؛ ليكون أقرب إلى


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٦٦٩٤).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الآثار (١٦٧٠٤) بأسانيد وألفاظ، وله طرق عن علي رضي الله عنه ومجاهد وابن كثير.
(٣) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٧٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>