للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها؛} أي هلاّ كانت قرية آمنت عند نزول العذاب فنفعها إيمانها وقبل منهم، {إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ لَمّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ؛} لمّا آمنوا وعلم الله منهم الصدق صرف عنهم عذاب الهون، {فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ} (٩٨)؛آجالهم المضروبة لهم.

وعن ابن عبّاس: (معنى قوله (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلاّ قوم يونس) (١) والمعنى: لم أفعل هذا بأمّة قطّ إلاّ قوم يونس لمّا آمنوا كشفنا عنهم، فتكون (لولا) معناها النّفي. وقال قتادة: (لم يكن هذا معروفا لأمّة من الأمم كفرت، ثمّ آمنت عند نزول العذاب فكشف عنهم إلاّ قوم يونس كشف عنهم العذاب بعد أن تدلّى عليهم) (٢).

قوله تعالى: {(وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ)} آجالهم، وذلك: أن يونس عليه السّلام بعثه الله إلى قومه، فدعاهم إلى طاعة الله وترك الكفر فأبوا، قال: رب فدعوتهم فأبوا، فأوحى الله إليه: أن ادعوهم فإن أجابوك، وإلاّ فأعلمهم بأنّ العذاب يأتيهم إلى ثلاثة أيّام.

فدعاهم فلم يجيبوا، فأخبرهم بالعذاب وخرج من بينهم، فقالوا: ما جرّبنا عليه كذبا مذ كان، فاحتالوا لأنفسكم.

فلمّا كان اليوم الثالث رأوا حمرة وسوادا من السّماء كهيئة النار والدّخان، فجعلوا يطلبون يونس فلم يجدوا، فلما يئسوا من يونس وجعل يحطّ السواد والحمرة، فقال قائل منهم: فإن لم تجدوا يونس فإنّكم تجدوا ربّ يونس، فادعوه وتضرّعوا إليه.

فخرجوا إلى الصحراء، وأخرجوا النساء والصبيان والبهائم، وعجّوا إلى الله مؤمنين به، وارتفعت الأصوات، وقربت منهم الحمرة والدّخان حتى غشي السواد سطوحهم وبلغهم حرّ النار، فلما علم الله منهم صدق التوبة رفع عنهم العذاب بعد ما كان غشيهم.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٣٨٤٤).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٣٨٤٥) مطولا.

<<  <  ج: ص:  >  >>