للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخطاب شامل للخلق، فالمعنى: فإن كنتم في شكّ فاسألوا) (١).

وقال ابن عبّاس: (لم يرد به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّه لم يشكّ في الله ولا في ما أوحى إليه، لكن أراد من آمن به وصدّقه في أمرهم أن يسألوا لئلاّ ينافقوا كما شكّ المنافقون).وعن ابن عبّاس أنه قال: (وذلك أنّ كفّار قريش قالوا: إنّ هذا القرآن الّذي يجيء إلى محمّد ما يلقيه الشّياطين إليه! فأنزل الله هذه الآية).

وأراد بالّذين يقرءون الكتاب مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه، فإنّهم يستخبرونك أنّه مكتوب عندهم في التّوراة، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [لا أسأل أحدا ولا أشكّ فيه بل أشهد أنّه الحقّ] (٢) وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أعلم بالله تعالى وأشدّ يقينا من أن يسألهم، وإنّما التقدير: فإن كنت في شكّ أيّها السامع مما أنزلنا على نبيّك. ومن عادة العرب أنّهم يخاطبون الرجل بشيء يريدون به غيره كما قالوا: إيّاك أعني واسمعي يا جارة.

وكانت الناس على عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثلاث مراتب: مؤمن؛ وكافر؛ وشاكّ، فخاطب الله بهذه الآية الشاكّ أمره بسؤال الذين يقرءون الكتاب من قبله عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم المبشّر به حتى إذا وافقت صفته في الكتاب المنزّل له قبل القرآن صفة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على الشّاكّ هو المبشّر به.

قوله: {فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (٩٤) وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ} (٩٥)؛أي الشّاكّين في الحقّ، وما في الآية ظاهر المعنى.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ} (٩٦) معناه: إن الذين أخبر الله عنهم أنّهم لا يؤمنون، {وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ} (٩٧)؛فيصيرون ملجئين إلى الإيمان، فلم يقبل منهم الإيمان حينئذ.


(١) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج ٣ ص ٢٧.
(٢) في الدر المنثور: ج ٤ ص ٣٨٩؛ قال السيوطي: ((أخرجه عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة)). وأخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٣٨٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>