من ذلك. والفائدة في اختصار الأصنام أن يظهر الله للمشركين ضعف معبودهم، وليزيدهم ذلك حسرة على عبادتهم.
قوله تعالى:{هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ؛} من قرأ «(يبلو)» بالياء فالمعنى فنخبر كلّ نفس ما قدّمت من خير أو شر، ومن قرأ «(تبلو)» بالتاء فالمعنى تقرأ كل «نفس» كتاب عملها. ويجوز أن يكون معناه: تتّبع كلّ نفس جزاء عملها، و {(هُنالِكَ)} من الظّروف، أصله هناك، واللام زائدة والكاف للمخاطبة، وكسرت اللام لسكونها وسكون الألف.
وقوله تعالى:{وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ؛} أي ردّوا إلى جزاء الله وإلى الموضع الذي لا يملك الحكم فيه أحد إلا الله، والحقّ هو الذي يكون معنى اللفظ حاصلا فيه على الحقيقة، والله تعالى حقّ لأنّ الإلهيّة حاصلة له على الحقيقة؛ لاقتداره على جميع الأشياء. قوله تعالى:{وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ}(٣٠)؛وبطل عنهم ما كانوا يختلقون من الكذب بالأصنام أنّها آلهة وأنّها تشفع عند الله.
قوله تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ؛} أي قل لكفّار مكّة: من يرزقكم من السّماء المطر؛ و؛ من {وَالْأَرْضِ؛} النبات والثمار، {أَمَّنْ يَمْلِكُ} يقدر على أن يخلق لكم، {السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ؛} أي من يخرج الحيّ من النّطفة، {وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ؛} أي من يخرج النطفة من الحيّ، والفرخ من البيضة، والبيضة من الفرخ، والسّنبلة من الحبّة، والحبة من السّنبلة، {وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ؛} أمر العباد على وجه الحكمة، {فَسَيَقُولُونَ اللهُ،} فيعرفون بالله تعالى هو الذي يفعل هذه الأشياء، وأنّ الأصنام لا تقدر على شيء من هذا، {فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ}(٣١)؛فقل لهم يا محمّد: أفلا تخافون من عقاب الله، ولم تعبدون الأصنام.
قوله تعالى:{فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ؛} أي الذي يرزقكم من السّماء والأرض، ويخرج الحيّ من الميت، ويخرج الميت من الحيّ، ويدبر الأمر، وهو ربّكم الحقّ دون الأصنام الباطلة. قوله تعالى:{فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ؛} أي فما