للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ} (١) أي خفّف عنكم، وكقوله: {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ} (٢) أي خفّف عنكم.

قوله تعالى: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا؛} أي تاب على الثلاثة، وهم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أميّة الذين خلّفوا عن قبول توبتهم، {حَتّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ؛} منع سعتها بامتناع الناس من مكالمتهم، {وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ؛} أي قلوبهم حين كتب قيصر إلى كعب ابن مالك: بلغني أنّ صاحبك قد جفاك، فالحق بنا فإنّ لك عندنا منزل وكرامة، فقال كعب: (من خطيئتي أن يطمع فيّ رجل من أهل الكفر) (٣).

قوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاّ إِلَيْهِ؛} أي علموا وأيقنوا ألاّ مفرّ من عذاب الله إلا إليه بالتوبة، وقوله تعالى: {ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ؛} أي قبل توبتهم، {لِيَتُوبُوا؛} أي ليرجعوا عن مثل صنيعهم. ويقال: ليتوب الناس من بعدهم، {إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوّابُ؛} أي المتجاوز عن ذنوب المؤمنين، {الرَّحِيمُ} (١١٨)؛بعباده التّائبين.

قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ} (١١٩) أي يا أيّها الذين آمنوا اخشوا الله ولا تعصوه، وكونوا مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ومع الذين صدقت نيّاتهم، واستقامت قلوبهم وأعمالهم في الشدّة والرّخاء.

قوله تعالى: {ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ؛} أي ما جاز لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلّفوا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الجهاد، وهذا نهي ورد بلفظ النّفي، {وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ؛} أي لا ينبغي أن يكونوا بأنفسهم آثر وأشفق عن نفس محمّد صلّى الله عليه وسلّم، بل عليهم أن يجعلوا أنفسهم وقاية للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم لما أوجب له من الحقوق عليهم بدعائه لهم إلى الإيمان حتى اهتدوا به ونجوا من النار.


(١) المزمل ٢٠/.
(٢) البقرة ١٨٧/.
(٣) تقدم عزوه إلى صحيح مسلم. وأخرجه الطبري من حديث طويل أيضا: الرقم (١٣٥٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>