للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسجد قباء) (١).قرأ أهل المدينة والشام الذين اتّخذوا بغير (واو) وكذلك هو في مصاحفهم.

قوله تعالى: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً؛} أي لا تصلّ في مسجد هؤلاء المنافقين أبدا، {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ؛} يعني مسجد قباء أسّس لوجه الله منذ أوّل يوم بني، ويقال: هو مسجد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أحقّ أن تصلّي فيه، ولا يمتنع أن يكون المراد المسجد الذي أسّس على التّقوى كلا المسجدين، مسجد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ومسجد قباء. قوله تعالى: {فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا؛} في مسجد قباء رجال يحبّون أن يتطهّروا. قال الحسن: (معناه يتطهّرون من الذّنوب بالتّوبة).

والمشهور أن المراد بالتطهير في هذه الآية الاستنجاء بالماء كما روي: أنّه لمّا نزلت هذه الآية وقف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بباب قباء وقال: [يا معشر الأنصار إنّ الله عزّ وجلّ قد أحسن الثّناء عليكم في طهوركم، فبم تطّهّرون؟] قالوا: إنّا نتبع الأحجار بالماء (٢)؛أي نستجمر بالحجر ثم نستنجي بالماء، فقرأ عليهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية، وسنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الاستنجاء بالماء. قوله تعالى: {وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} (١٠٨)؛ أي أثنى على المطّهّرين من الذّنوب، والمتطهّرين بالماء من الأدناس.

قوله تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ؛} الألف في أوّل الآية ألف استفهام دخلت في الكلام للإنكار، وقوله تعالى {(جُرُفٍ هارٍ)} أي على طرف الهوّة، وقوله (هار) ساقط، وأصله هاير، إلا أنه حذف الياء.


(١) ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ج ٨ ص ٢٥٥.وهو مجمع بن جارية بن عامر الأنصاري توفي في آخر خلافة معاوية. قال ابن إسحاق: (كان المجمع بن جارية غلاما حدّثا قد جمع القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأبوه جارية ممن اتخذ مسجد الضّرار).ترجم له ابن عبد البر في التمهيد: ج ٣ ص ٤١٨:الرقم (٢٣٣٤).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١٣٣٩١) عن قتادة، والحديث (١٣٣٩٢) عن محمّد ابن عبد الله بن سلام، والحديث (١٣٣٩٣) عن عويم بن ساعدة. وابن أبي حاتم في التفسير: الحديث (١٠٠٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>