للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ؛} أي كلما أطعموا من أنواع الثمرات بالبكر والعشيّات؛ إذا أوتوا به بكرة قالوا:

هذا الذي أوتينا به عشية؛ وإذا أوتوا به عشية قالوا: هذا الذي أوتينا به بكرة؛ فإذا طعموه وجدوا طعمه غير الطعم الذي طعموه من قبل. وقوله تعالى: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً؛} أي في المنظر مختلفا في الطعم. قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ؛} أي نساء وجوار لا يحضن ولا يستحلمن ولا يلدن ولا يحتجن إلى ما يتطهّرن منه؛ ولا يحسدن ولا يغرن ولا ينظرن إلى غير أزواجهن؛ مهذّبات في الخلق والخلق؛ طاهرات من كل دنس وعيب. قوله تعالى: {وَهُمْ فِيها خالِدُونَ} (٢٥)؛ أي هم مع هذه الكرامات دائمون لا يموتون ولا يخرجون أبدا.

وسئل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم مرّة: ما بال أهل الجنّة عملوا في عمر قصير فخلّدوا في الجنّة؛ وما بال أهل النّار عملوا في عمر قصير فخلّدوا في النّار؟ فقال: [كلّ واحد من الفريقين يعتقد أنّه لو عاش أبدا عمل ذلك العمل].

والبشارة المطلقة هو الخبر السارّ الذي يحدث عند الاستبشار والسرور، وإن كان قد يستعمل مقيّدا فيما يسوء، كما قال تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} (١).ولهذا


(١) آل عمران ٢١/. البشارة: اسم لخبر يغيّر بشرة الوجه مطلقا، سارّا كان أم محزنا، إلا أنه غلب استعمالها في الأوّل، وصار اللفظ حقيقة له بحكم العرف حتى لا يفهم منه غيره. واعتبر فيه الصدق على ما نصّ عليه في الكتب الفقهية. فالمعنى العرفي للبشارة هو الخبر الصّدق السارّ الذي ليس عند المخبر به علمه. واستبشر إذا وجد ما يسرّه من الفرح، قال الله تعالى: وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ [آل عمران:١٧٠] وقال الله تعالى: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ [آل عمران:١٧١].
ووجود المبشّر به وقت البشارة ليس بلازم، لقوله تعالى: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا [الصافات: ١١٢] وقال الله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ [الروم:٤٦].وفي الحديث قال عليه الصّلاة والسّلام: [انقطع الوحي ولم يبق إلاّ المبشّرات، وهي الرّؤيا الصّالحة يراها المؤمن].
والبشارة المطلقة بالخير قال الله تعالى: وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ [فصلت:٣٠] ولا تكون بالشرّ إلا بالتقييد كما أن النّذارة تكون على إطلاق لفظها في الشرّ، قال الله تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ [التوبة:٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>