للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالزّكاة) (١).وقال الحسن ومجاهد: (خذ العفو من أخلاق النّاس في القضاء والاقتضاء وقبول عذرهم وحسن المعاملة معهم وما يسهل عليهم) (٢).

وأصل العفو الترك من قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} (٣) أي ترك، والعفو عن الذنب ترك العقوبة. ويقال: معنى العفو المساهلة في الأمور، يقال: خذ ما أتاك عفوا؛ أي سهلا. وعن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أنّه سأل جبريل عن هذه الآية فقال: حتّى أسأل، فذهب جبريل فقال: [يا محمّد؛ إنّ الله يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو من ظلمك] (٤).

قوله تعالى: {(وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ)} أي بالمعروف الذي تعرف العقلاء صحّته، وقال عطاء: (يعني لا إله إلاّ الله).وقوله تعالى: {(وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ)} أي عن أبي جهل وأصحابه، نسختها آية السّيف. ومعنى الإعراض عنهم؛ أي أعرض عنهم بعد إقامة الحجّة عليهم، ووقوع الإياس عن قبولهم، ولا تقابلهم بالسّفه ولا تجاوبهم استخفافا بهم وصيانة لقدرك، فإنّ مجاوبة السّفيه تضع القدر.

قوله تعالى: {وَإِمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ؛} معناه:

إمّا يغرينّك بالوسوسة عند الغضب فالتجئ إلى الله واستغث به، {إِنَّهُ سَمِيعٌ؛} لدعائك، {عَلِيمٌ} (٢٠٠)؛بك. والنّزع هو الإزعاج بالحركة إلى الشّرّ.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا؛} معناه: إنّ الذين اتّقوا الشّرك والمعاصي إذا مسّهم وسوسة من الشيطان بإلقاء خواطر الشّرّ عليهم، فرغوا إلى تذكّر ما أوضح الله من الحجّة، {فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ} (٢٠١)؛عواقب أمورهم، يرجعون من الهوى إلى الهدى.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٠٦٦) عن ابن عباس، والأثر (١٢٠٦٧) عن السدي، والأثر (١٢٠٦٨) عن الضحاك، وأدرجها الطبري في المتن بنص واحد.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٠٦٥) بمعناه.
(٣) البقرة ١٧٨/.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٠٧٠ و ١٢٠٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>