للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعبدون من هم أفضل منهم؟! فالعجب من أنفسهم عن اتّباع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مع ما أيّده الله به من الآيات والمعجزات والدلائل الظاهرة؛ لأنه بشر مثلهم، ولم يأنفوا من عبادة حجر لا قدرة له ولا تصرّف، وهم أفضل منه في القدرة على التصرّف.

قوله تعالى: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ؛} معناه: يتولّى حفظهم، ويكلؤني ويتولّى أمري الذي أنعم عليّ بإنزال القرآن، {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ} (١٩٦)؛أي يتولّى حفظهم، لا يكلهم إلى غيره ولا تضرّهم عداوة من عاداهم.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} (١٩٧)؛الآية قد تقدّم تفسيره.

قوله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا؛} أي كما أنّها لا تهدي غيرها فلا تسمع الهدى، {وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ؛} يا محمّد فاتحة أعينهم نحوكم يعني الأصنام ينظرون إليك، {وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ} (١٩٨)؛وذلك أنّهم كانوا يصوّرونها فيجعلون لها أعينا وآذانا وأرجلا، فإذا نظر الناظر اليها خيّل إليه أنّها تنظر إليه وهي لا تبصر، أو كانوا يلطّخون أفواه الأصنام بالخلوف والعسل، وكانت الذباب يجتمعن عليها، فلا تقدر على دفع الذّباب عن أنفسها.

وقال بعضهم: معناه: وتراهم كأنّهم ينظرون إليك كقوله تعالى {وَتَرَى النّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى} (١) أي كأنّهم سكارى، وقال مقاتل: (معنى قوله: {(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا)} أي إن تدعوا يا محمّد أنت والمؤمنون كفّار مكّة إلى الهدى لا يسمعوا، {(وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)} الهدى).

قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ} (١٩٩)؛ قال ابن عبّاس والسديّ: (معناه: خذ الفضل من أموالهم كما قال تعالى {وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (٢) وهذا إنّما كان قبل فرض الزّكاة، فصار منسوخا


(١) الحج ٢/.
(٢) البقرة ٢١٩/.

<<  <  ج: ص:  >  >>