للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ} أي قالت أوّل الأمم لآخر الأمم، والمتبوعون للتابعين: لم يكن لكم علينا فضل في شيء حتى تطلبوا من الله أن يزيد في عذابنا وينقص من عذابكم، وأنتم كفرتم كما كفرنا، ونحن وأنتم في الكفر سواء، وكذا نكون في العذاب سواء. قوله تعالى:

{فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} (٣٩)؛يجوز أن يكون هذا من قول الأوّلين للآخرين، ويجوز أن يكون قال الله لهم ذلك.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ؛} أي الذين جحدوا بآياتنا وتعظّموا عن الإيمان بها؛ لا تفتح لأرواحهم أبواب السّماء إذا ماتوا هوانا، وتفتح للمؤمنين كرامة لهم. وقيل: معناه: لا تفتح لأعمالهم أبواب السّماء؛ لأنّها خبيثة، بل يهوي بعملهم إلى الأرض السّابعة، وترقم في الصّخرة التي تحت الأرضين كما قال الله تعالى: {كَلاّ إِنَّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجِّينٍ. وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ. كِتابٌ مَرْقُومٌ} (١).

قوله تعالى: {(لا تُفَتَّحُ لَهُمْ)} قراءة الأكثرين بالتّاء المشدّدة راجعة إلى جماعة الأبواب. وقرأ بعضهم بالياء والتخفيف؛ لأن تأنيث الأبواب ليس بحقيقيّ.

قوله تعالى: {وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ؛} أي لا يدخلون الجنّة أبدا كما لا يدخل البعير في خرم الإبرة. وهذا تمثيل في الدّلالة على يأس الكفّار من دخولهم الجنّة. والعرب إذا أرادت تأكيد النّفي علّقته بما يستحيل كونه، كما قال الشاعر:

إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللّبن الحليب

والخياط والمخيط بمعنى واحد. وعن ابن مسعود رضي الله عنه (أنّه سئل عن الجمل؛ فقال: هو زوج النّاقة؛ كأنّه استجهل من سأله وتعجّب منه) (٢).وفي قراءة ابن عبّاس:

«(حتّى يلج الجمّل)» بضمّ الجيم وتشديد الميم، وهو حبل يسمى القلس. وقال


(١) المطففين ٦/-٩.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١١٣٥٢) بأسانيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>