للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عبّاس: (قال الله: يا آدم، ألم يكن لك فيما أبحت لك من الجنّة مندوحة عن الشّجرة؟ قال: بلى، ولكن وعزّتك ما ظننت أنّ أحدا من خلقك يحلف بك كاذبا. قال: فو عزّتي لأهبطنّك إلى الأرض، ثمّ لا تنال العيش إلاّ بكدّ. فأهبط إلى الأرض هو وحوّاء، فعلّم صنعة الحديد، وأمر بالحرث، فحرث وزرع، وسقى وحصد، ثمّ درس وروى، ثمّ طحن، ثمّ عجن، ثمّ خبز، ثمّ أكل. فلم يبلغ إلى الأكل حتّى بلغ ما شاء الله أن بلغ).

قوله تعالى: {وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ} (٢٢)؛قال محمد بن قيس: (ناداه ربّه: يا آدم، لم أكلت منها وقد نهيتك؟ قال: يا رب؛ أطعمتني حوّاء. قال: يا حوّاء؛ لم أطعمته؟ قالت: أمرتني الحيّة (١).فقيل للحيّة: لم أمرتها؟ قالت: أمرني إبليس. قال الله تعالى:

أمّا أنت يا حوّاء؛ فكما أدميت الشّجرة تدمين كلّ شهر، وأمّا أنت يا حيّة فأقطع قوائمك، فتمشين في التّراب على وجهك، وسيشدخ رأسك كلّ من لقيك، وأمّا أنت يا إبليس فملعون مدحور) (٢).

قوله عزّ وجلّ: {قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا؛} أي ضررناها بالمعصية، وهذا اعتراف بالخطيئة على أنفسهما، {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ} (٢٣)؛بالعقوبة.

قوله تعالى: {قالَ اهْبِطُوا؛} أي قال اهبطوا من الجنّة إلى الأرض، {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ،} أي في حال عداوة، {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ؛} أي ولكم في الأرض مستقرّ ومنفعة، {إِلى حِينٍ} (٢٤)؛أي إلى منتهى آجالكم.

قوله تعالى: {قالَ فِيها تَحْيَوْنَ؛} أي في الأرض تعيشون، {وَفِيها تَمُوتُونَ؛} وفي الأرض تقبرون، {وَمِنْها تُخْرَجُونَ} (٢٥)؛أي من قبوركم للبعث.


(١) في المخطوط: (أطعمتني الحية) وهو تحريف.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١١٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>