للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا؛} أي لكلّ عامل من الفريقين مراتب في عمله، لأهل الخير درجات في الجنّة بعضها فوق بعض، ولأهل الشّرك درجات في النار بعضها أشدّ عذابا من بعض، {وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ} (١٣٢)؛أي لا يجري عليه السّهو عن طاعة المطيعين ومعصية العاصين، فيجزي كلّ عامل بما عمل.

قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ؛} أي هو الغنيّ عن إيمان العباد وطاعتهم. والغنيّ: الّذي لا يحتاج إلى شيء؛ فيكون وجود كلّ شيء عنده وعدمه سواء. وقوله تعالى: {(ذُو الرَّحْمَةِ)} بيان أنه تعالى مع كونه غنيّا عن شكر العباد وطاعتهم ذو إنعام عليهم. والمعنى: وربّك الغنيّ عن خلقه ذو الرحمة بهم، {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ؛} أي إن يشاء يهلككم يا أهل مكّة؛ {وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ؛} ويخلف من بعدكم؛ أي من بعد إهلاككم؛ {ما يَشاءُ؛} خلقا آخر أطوع لله منكم؛ {كَما أَنْشَأَكُمْ؛} أي مثل ما ابتدأ خلقكم قرنا بعد قرن؛ {مِنْ ذُرِّيَّةِ؛} أي من أولاد؛ {قَوْمٍ آخَرِينَ} (١٣٣)؛هالكين.

وقوله تعالى: {إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ؛} أي إنّ الذي تخافون من البعث والعذاب لكائن لا خلف فيه، {وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} (١٣٤)؛أي فائتين لستم تقدرون أن تعجزوا الله عن إدراككم.

قوله تعالى: {قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ؛} أي قل لهم يا محمّد:

اثبتوا على حالتكم وعلى عملكم القبيح الذي أنتم عليه وعلى منازلكم؛ {إِنِّي عامِلٌ؛} في أمري على منزلتي، وهذا على سبيل الوعيد والتّهديد، {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدّارِ؛} أي {(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)} أيّنا يكون له العاقبة المحمودة في الدّنيا؛ وفي الآخرة، {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ} (١٣٥)؛أي لا يظفرون بمرادهم. وقرأ السلميّ وعاصم «(على مكاناتكم)» على لفظ الجماعة. وقرأ مجاهد وأهل الكوفة إلا عاصما: «(من يكون)» بالياء؛ لأن تأنيث العاقبة غير حقيقي.

وقوله عزّ وجلّ: {وَجَعَلُوا لِلّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا؛} قال ابن عبّاس: (وذلك أنّ أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>