للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما استمتاع الجنّ بالإنس؛ فكان عظماء الجنّ يقولون: قد سدنا الإنس مع الجنّ؛ حتى أن الإنس يعوذون بنا، فيزدادون بذلك شرفا في قومهم وعظما في أنفسهم.

وذلك قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً} (١).

قوله تعالى: {وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا؛} أي أدركنا وقتنا الذي وقّت لنا. قيل: إنّ المراد به وقت البعث، وقيل: إن المراد وقت الموت. وفي هذا دليل على أنه لا يكون للمقتول أجلان بخلاف ما يقول بعض القوم: إنّ المقتول لو لم يقتل لكان يبقى حيّا لا محالة. لأنه قد كان في هؤلاء مقتولون وقد أخبروا كلّهم أنّهم قد بلغوا أجلهم الذي أجّله الله لهم.

قوله تعالى: {قالَ النّارُ مَثْواكُمْ؛} أي قال الله تعالى: النّار مقرّكم ومنزلكم؛ فإنكم قد أقررتم على أنفسكم باستحقاق العذاب ولزوم الحقّ عليكم، قوله تعالى: {خالِدِينَ فِيها إِلاّ ما شاءَ اللهُ؛} قال ابن عبّاس: (وكان ما شاء الله بقوله: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (٢)).

وقيل: معناه: {(إِلاّ ما شاءَ اللهُ)} ما بين البعث من القبر إلى وقت الفراغ من الحساب؛ فإنه لا يكون لهم عذاب في ذلك الوقت. وقيل: معناه: {(إِلاّ ما شاءَ اللهُ)} أن يعذّبهم من صنوف العذاب. قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ؛} في عقابه؛ {عَلِيمٌ} (١٢٨)؛بقدر ما يستحقّون من العذاب.

قوله عزّ وجلّ: {وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} (١٢٩) أي مثل ما قصصنا عليك من تسليط الجنّ على الإنس؛ كذلك نسلّط بعض المجرمين على بعض، ثم ينتقم منهما جميعا في الآخرة بالنّار. وقال بعضهم: معناه:


(١) الجن ٦/.
(٢) النساء ٤٨/.

<<  <  ج: ص:  >  >>