للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفاح، فأعطيا الثمنَ، ثم عادا (١) إليه. ووقع بصرُه عليهما فقال: يمكن الإنسان أن يخرجَ من الظُّلمة (٢) بهذه السرعة؟ أخبراني عن شأنكما، فأخبراه بالقصة، فقال: نعم، كان كل واحدٍ منكما يعتمد على صاحبه في إعطاء الثمن (٣)، والرجل مُستحٍ منكما في التقاضي (٤).

وكان بين أبي زكريا النَّخْشَبي وبين امرأةٍ سببٌ قبل توبته، فكان يومًا واقفًا على رأس أبي عثمان الحِيري، فتفكَّر في شأنها. فرفع أبو عثمان إليه رأسه، وقال: ألا تستحي (٥).

وكان شاه الكِرماني جيِّدَ الفِراسة لا تُخطئ فراسته. وكان يقول: من غضَّ بصره عن المحارم، وأمسكَ نفسَه عن الشهوات، وعمَرَ باطنَه بدوام المراقبة، وظاهِرَه باتباع السنة، وتعوَّد أكل الحلال= لم تُخطئ فراسته (٦).

وكان شابٌّ يصحب الجنيدَ، يتكلَّم على الخواطر. [١٥٨ أ] فذُكر للجنيد، فقال له: أيشٍ هذا الذي ذُكِر لي عنك؟ فقال له: اعتقِدْ شيئًا، فقال له الجنيد: اعتقدتُ. فقال الشابُّ: اعتقدتَ كذا وكذا. فقال الجنيدُ: لا. فقال: اعتقِد


(١) كأن في الأصل و (ق): «عمدا». والمثبت موافق لمصدر الخبر.
(٢) في الأصل: «هذه الظلمة». ولعله سهو. وكذا في (غ).
(٣) (ط): «إعطاء الرجل ثمنه».
(٤) الرسالة القشيرية (٢/ ٣٨٧ ــ ٣٨٨).
(٥) المصدر السابق (٢/ ٣٨٨).
(٦) المصدر السابق (٢/ ٣٨٨ ــ ٣٨٩). وانظر: إغاثة اللهفان (١/ ٤٨) ومدارج السالكين (٢/ ٤٨٤).