للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداهما: أن لا يدَّعوا الغفلة، والثانية: أن لا يدَّعوا التقليد؛ فالغافلُ لا شعورَ له، والمقلِّدُ متَّبِعٌ في تقليده لغيره.

الثامن: قوله: {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} أي: لو عذَّبهم (١) بجحودهم وشركهم لقالوا ذلك. وهو سبحانه إنما يُهلِكهم لمخالفة رسله وتكذيبهم، فلو أهلكهم بتقليد آبائهم في شركهم من غير إقامة الحجَّة عليهم بالرسل لأهلكهم بما فعل المبطلون، أو أهلكهم مع غفلتهم عن معرفة بُطلان (٢) ما كانوا عليه. وقد أخبر سبحانه أنه لم يكن ليُهلِك القرى بظلم، وأهلُها غافلون، وإنما يهلكهم بعد الإعذار والإنذار (٣).

التاسع: أنه سبحانه أشهدَ كلَّ واحدٍ واحدٍ (٤) على نفسه أنه ربُّه وخالقُه، واحتَجَّ عليهم (٥) بهذا الإشهاد في غير موضع من كتابه، كقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: ٨٧]. أي: فكيف يُصرَفون عن التوحيد بعد هذا الإقرار منهم أنَّ الله ربُّهم وخالقُهم. وهذا كثير في القرآن. فهذه هي الحجَّةُ التي أشهدَهم على أنفسهم بمضمونها، وذكَّرتْهم بها رسلُه بقوله (٦): {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: ١٠].


(١) (ط): «عذبتهم». (ن): «لِوَعْدِهم»، وهو تصحيف. والنص في شرح الطحاوية أيضًا مصحف.
(٢) في (أ، غ): «معرفته لبطلان»، وفي (ق): «معرفته بطلان». ولعله من سهو الأصل.
(٣) (ط): «الإنذار والإعذار».
(٤) كذا في الأصل وفي (ق). وحذفت الثانية في النسخ الأخرى. لعلهم ظنوها مكررة سهوًا.
(٥) «عليهم» ساقط من (ط).
(٦) (ب، ج): «بقولهم».