للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُستَحقُّ بمخالفته الإهلاك. فلابدَّ أن يكونوا ذاكرين له، عارفين به؛ وذلك ما فطرَهم عليه من الإقرار بربوبيته، وأنَّه ربُّهم وفاطرُهم، وأنَّهم مخلوقون مربوبون. ثم أرسل إليهم رسُلَه يذكِّرونهم بما في فِطَرهم وعقولهم، ويعرِّفونهم حقَّه عليهم وأمرَه ونهيَه ووعدَه ووعيدَه (١).

ونظمُ الآية إنما يدلُّ على هذا من وجوه متعددة (٢):

أحدها: أنه قال: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} ولم يقل: آدم (٣)، وبنو آدم غيرُ آدم.

الثاني: أنه قال: {مِنْ ظُهُورِهِمْ}، ولم يقل: من ظهره، وهذا بَدَلُ بعضٍ من كلٍّ، أو بدلُ اشتمالٍ (٤)، وهو أحسن (٥).

الثالث: أنه قال: {ذُرِّيَّاتِهم}، ولم يقل: ذرِّيته.

الرابع: أنه قال: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} أي: جعلهم شاهدِين على


(١) «ووعده ووعيده» ساقط من (ب).
(٢) هذه الوجوه العشرة كلها نقلها شارح الطحاوية (٢١٩ ــ ٢٢٠) دون الإشارة إلى مصدرها حسب طريقته. وانظر جملة منها بالنص أو غيره في مفاتيح الغيب (١٥/ ٥٠ - ٥٣).
(٣) ما عدا (أ، ق، غ): «من آدم».
(٤) اقتصر على الثاني العكبري في التبيان (١/ ٦٠٢). وعلى الأول مكي في مشكل إعراب القرآن (١/ ٣٠٦) والزمخشري في الكشاف (٢/ ١٧٦). قال السمين في الدر المصون (٥/ ٥١١): «وهو الظاهر، كقولك: ضربت زيدًا ظهره، وقطعته يده. لا يعرب أحد هذه بدل اشتمال».
(٥) (ب): «وهذا أحسن».