[الشهادة للعشرة بالجنة وكل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم]
قال الموفق رحمه الله: [ونشهد للعشرة بالجنة كما شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة)].
هؤلاء هم العشرة المبشرون بالجنة، ولا يعني ذلك قصر البشارة النبوية عليهم، بل كل من شهد له النبي عليه الصلاة والسلام يقال: إنه في الجنة؛ وهذا متفق عليه بين أهل السنة، وإن كان حصل بين الإمام أحمد وابن المديني خلاف لفظي، فإن ابن المديني كان يقول: من قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم إنه في الجنة أقول: إنه في الجنة، ولا أشهد.
فقال الإمام أحمد: إذا قلت فقد شهدت، فكان هناك تردد من ابن المديني في اللفظ.
قال الموفق رحمه الله: [وكل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة شهدنا له بها، كقوله:(الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) وقوله لـ ثابت بن قيس: (إنه من أهل الجنة)].
وأيضاً: شهادته لـ عكاشة بن محصن أنه من السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فهذا أمر مشهور عن طائفة من الصحابة عينهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأما من سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو من سواد الأمة من أصحابه وغيرهم فهؤلاء يتوقف في شأنهم، فيرجى للمحسن ويخاف على المسيء.
لكن ثمة مسألة حصل فيها قدر من النزاع بين أهل السنة: من استفاض ذكره والثناء عليه في الأمة من الأئمة والعلماء وأمثال هؤلاء هل يجزم أو يشهد لهم بالجنة، أم يتوقف فيهم كما يتوقف في من لم يستفض ذكره؟
هذا فيه قولان: الجمهور يرون التوقف، وأن الاستفاضة بالثناء لا تستلزم الشهادة بالتعيين، وهذا هو الصحيح.
القول الثاني: أن من استفاض ذكره يُشهد له بالجنة، ويستدلون على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار) وهذا الاستدلال ليس بمحكم؛ لأن مراده صلى الله عليه وسلم أن الثناء أو الشهادة من موجبات الموافقة للحقائق في نفس الأمر عند الله تعالى، وليس معناه: أن من أثني عليه بخير لزم أنه مشهود له بالجنة، فهذا ليس داخلاً في نص الحديث ولا تضمنه، هذا مقام آخر لم يتضمن الحديث ذكراً له.