قال: [ولا يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون، ولا يطيقون إلا ما كلفهم، وهو تفسير:(لا حول ولا قوة إلا بالله) نقول: لا حيلة لأحد، ولا تحول لأحد، ولا حركة لأحد عن معصية الله إلا بمعونة الله، ولا قوة لأحد على إقامة طاعة الله والثبات عليها إلا بتوفيق الله تعالى].
- قوله:(ولا يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون):
هذه جملة أشعرية صريحة، بل يقولها الغلاة من الأشاعرة، والحق أن الله سبحانه وتعالى كلف العباد ما يطيقون، وأما قوله:(ولا يطيقون إلا ما كلفهم) فإن الأمر ليس كذلك، بل تفضل سبحانه وتعالى ورفق بهم وكلفهم، مع أنهم يطيقون فوق ما كلفوا به، فالصلاة فرضت خمسين صلاةً، ثم راجع النبي صلى الله عليه وسلم ربه إلى أن جعلها الله سبحانه وتعالى خمس صلوات، وهذا إنما أطلقه والتزمه بعض أئمة الأشاعرة المتكلمين الذين غلوا في تقرير مسألة تكليف ما لا يُطاق، وهذه المسألة ما كان السلف يذكرونها.
بل إن تسمية أحكام الشريعة تكليفاً ليس مأثوراً عن أحدٍ من السلف، وهذا مما نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال:(صريح في القرآن أن الله سمى العمل تكليفاً، أو سمى التشريع تكليفاً، لكن أن تسمى سائر مسائل الشريعة الواجب منها والمستحب والمباح تكليفاً، وكذلك أن تكون المنهيات من باب التكليف فهذا الإطلاق إنما حدث في اصطلاح المتأخرين).
هذا فضلاً عن تكليف ما لا يطاق، فإن هذه ما نطق بها السلف أصلاً، والعبد إنما يكلف ما يطيق، وهذا بالإجماع لقوله تعالى:{لا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦].